كان الأمريكيون يرفعون أصواتهم بين الحين والآخر قائلين: «لماذا يُعادينا العرب؟!». ومهما أجابهم العرب على سؤالهم هذا وبوضوح أنهم لا يُعادونهم، فهم حتمًا لا يُعادون الشعب الأمريكي أبدًا، وصلات كثير من العرب بأمريكا معهودة مشهودة، ولكن العرب لهم أرض احتلت، ومقدسات دنست من دولة تناصرها الإدارات الحكومية الأمريكية منذ عام 1948م وحتى اليوم، ذهب ضحيتها من العرب عشرات الآلاف في حروب متلاحقة، لم يكتف فيها بالاستعمار بل نهبت بيوتهم وأراضيهم وشردوا عبر الآفاق، والسلاح يأتي من الولايات المتحدة الأمريكية والأموال بالمليارات تهدى إلى دولة صهيون لتعدّ بها الجيوش لحرب العرب، ورغم صدور ما لا يُعد ولا يُحصى من القرارات الأممية ضد دولة صهيون إلا أنه لم ينفذ منها شيء أبدًا، والسبب الرئيس الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، حتى رأى العرب أن هيئة الأمم المتحدة وما ألحق بها من منظمات لا قيمة لها وللسلم العالمي المُدَّعى الذي تنادي به أمريكا، ثم تقتله بقرار فيتو من حكومتها، ومع كل هذا ظلوا ينظرون للولايات المتحدة الأمريكية على أنها الدولة القادرة على حل مشكلة فلسطين، فجاء خطاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بأن القدس عاصمة لإسرائيل، رغم كل القرارات الصادرة من الأمم المتحدة عن هذه المدينة المقدسة، وأن لها وضعًا لا يسوّى إلا بالاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، فجاء ترامب ليقضي على آخر أمل للعرب، والفلسطينيين، ولعمري أن قضاءً مبرمًا على أمن إسرائيل بعد اليوم، فحتى أصدقاء أمريكا من العرب لم يعودوا قادرين للدفاع عنها؛ بسبب هذا الغباء الذي أعاد القضية إلى الصفر ابتداء، ولعل الآتي قريبًا سيُذكِّر الأمريكيين بفداحة ما جناه رئيسهم عليهم، فلن يصبر العرب على ضيم، وهم الأمة الذين يفخرون بشجاعة أفرادهم، ولها في التاريخ مظاهر عرفتها الأمم منذ أن خرج العرب من جزيرتهم، ونشروا دينهم حتى عم كل الأرجاء، ولعل عقلاء الأمريكيين يتداركون الأمر؛ حتى لا تنفجر الدنيا كلها في وجوههم، فهل هم فاعلون؟!.