جرائم الأقرباء

لا أشك لحظة أننا كمسلمين نأبى أن يجرم أحد منا في حق أحد من أقربائه، فنحن قوم -سادتي- نؤمن بأن صلة الرحم بين الأقرباء واجبة، وأنها كما ورد في الأثر مُعلَّقة بالعرش تدعو صباح مساء: اللهم صلْ من وصلني واقطع من قطعني، وليس منا من لا يريد أن يصله الله، فصلة الله للعبد رحمة ومغفرة وقرب منه، أما القطيعة فهي بُعد عن الله وعقوبة، والذين يصلون أقاربهم خاصة في دائرة الأسرة الواحدة يرى الناس منهم نماذج من أهل التقوى، يقتدون بهم لما يرون من التوفيق الذي يصاحبهم في كل أمورهم لصلتهم أرحامهم، وإحدى أهم وظائف المساجد أن تشيع بين الناس الرحمة والتعاطف عبر ما يُلقى فيها من مواعظ وخطب، وبما يتلى فيها من كتاب الله وهدي رسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا ندري لِمَ قلّ تأثيرها في محيطها، حتى أصبحنا نقرأ بين فترة وأخرى عن جرائم بشعة في مجتمعنا، حيث يقتل الأب ابنه، ويقتل الابن أباه وأمه، أويقتل خاله وعمه، أوأخاه شقيقه، وهذا ما يجعلنا نستغرب حدوث مثل هذا في مجتمعنا المسلم، أما بين الإرهابيين فهوأمر ولاشك يدل على دناءة سلوكهم، وبُعدهم عن ديننا الحنيف، الذي يُحرِّم القتل، ويُعدِّد العقوبات عليه حيث يقول ربنا: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا)، فقاتل النفس عمدًا، يُقتص منه بقتله، ويطول عذابه في جهنم، وغضب الله عليه ولعنه فطرده من رحمته، ولا يتجرأ على قتل النفس التي حرم الله إلا فاسق، حرم نفسه عفو الله ورحمته، فكيف إذا كان القتيل أحد أقربائه من أصوله أوفروعه، أوحواشيه، فجريمة القتل أعظم الجرائم الكبائر في الإسلام، وكم أتمنى أن أسمع خطباء المساجد اليوم يناقشون مثل هذه القضايا في خطبهم، ويشرحون للناس عواقب هذه الجرائم، علَّ الناس الذين تنازعهم أنفسهم بالإقدام على هذه الجريمة التي جعلها الله من أكبر الكبائر ويرتدعون عنها، وأن تنصب مواعظ الواعظين ومحاضرات الدعاة على ما حث عليه الإسلام ورغب فيه من الواجبات والسنن والأخلاق والآداب، وعلى ما حرمه الله ونهى عنه من كل هذه الجنايات والجرائم ومساوئ الأخلاق، فقد اشتغلنا بالكثير من الجدل الذي يضر ولا ينفع، وتركنا ما فيه الخير لمجتمعنا المسلم، فقد آن الأوان أن نعود إلى ما كُنّا عليه من حث الناس على فعل الطاعات والخيرات، واجتناب المعاصي وكل ما فيه شر، ففي هذا ولاشك خدمة لمجتمعنا المسلم أي خدمة، حيث يتثقف الناس بما يجعل لهم معرفة بما شرع الله لهم في هذه الحياة وطالبهم به، وما حرمه عليهم وأمرهم باجتنابه.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: