من الصعوبة بمكان أن يقنعنا بعض اليسار اللبناني، وما يسمى فيه بالتيار العربي، ومن رفعوا فيه شعار مقاومة إسرائيل، بموقفهم الملتبس بالاصطفاف مع النظام المستبد في سوريا، الذي أبان عن وجهه القبيح، فما أن تحدث الشعب السوري عن رغبته في الحصول على حريته وحقه في اختيار النظام الذي يرغب فيه حتى تنمر هذا النظام ليقتل شعبه، وانتفاضة الشعب السوري ضد القهر والقمع الذي مارسه نظام حزبي كادت أن تفوق جرائمه ما قامت به النازية والبلشفية في زمان غبر، ستستمر حتى يسقط هذا النظام الظالم، ومهما تحدث هؤلاء عنها بسوء، فهي ثورة شعب أرهقه الظلم، وقد صمم على أن يغير نظامه بخير منه، نظام يرعى الحريات، ويحافظ على الحقوق، شعاره العدل والمساواة والعدالة الاجتماعية، ويقبل التعددية والتنوع، والتي هي أساس تركيبته السكانية، ومهما حاول النظام السوري ومناصروه الإدعاء بوجود جماعات إرهابية مسلحة أو وجود أفراد مزعومين من القاعدة أو من السلفية الجهادية في سوريا يقاتلون النظام فلن يصدقهم أحد، وقتلى الشعب السوري بالآلاف بأيدي أدوات النظام من رجال الجيش والأمن، فهذه الفزاعة لم تفجع في تبرئة أي نظام مستبد قتل شعبه، ولم تستبقه ولو لأيام معدودة، فقد شاهد العالم كله سقوط الأنظمة القمعية واحداً بعد الآخر رغم تهديدها للعالم بهذه الفزاعة، والمؤكد اليقيني أن النظام القمعي في دمشق في طريقه للإنهيار، مهما حاول تخويف السوريين والعالم بهذه الفزاعة المتخيلة، والتي أصبحت تثير السخرية، وحتما أن محاولة نقل المعركة الموهومة إلى شمال لبنان لن تجدي هذا النظام ومناصريه نفعاً، ومحاولة أنصاره أيّاً كان انتماؤهم بث الفوضى في هذا الجزء العزيز من لبنان، والذي سيبقى سكانه والذين غالبيتهم من الطائفة السنية أهل سلم وتسامح، حتى ولو وصل التهديد لهم بتصفية بعض زعمائهم، خاصة علماء الدين منهم، والذين سقط منهم شهيداً مؤخراً العالم الجليل محمد عبدالواحد ومرافقه الشاب محمد حسين مرعب، اسكنهما الله فسيح جناته، والاغتيال أسوأ ألوان الحرب السياسية، والتي ما أن يكون عنوانها الاغتيال وتصفية المعارضين إلا وكان ذلك إيذاناً بسقوط أي نظام يرفعه شعاراً، فهو بداية فشل وسقوط ذريع، ويؤسفنا اليوم أن نقول: إن جريدة الأخبار اليسارية اللبنانية قد سقطت سقوطاً ذريعاً حينما أصبحت اليوم بوقاً لنظام قمعي مستبد في دمشق، إن نصرة المظلومين لا تعتمد على انتماءاتهم الحزبية، ومتى ما كانت معتمدة على ذلك فهي انحياز بامتياز إلى الظالم، ومن ينحاز إليه يخسر يقيناً، وصدقوني لن يقوم في لبنان نظام يعتمد على طائفة وحيدة، فهذا هو المستحيل حقاً، فهل يدرك هؤلاء ما أقول ؟والله ولي التوفيق.
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …