حينما يأتي العدوان من عدو المسلمين ولدينهم كالصهاينة فهو امر لا يستغرب والمسلمون قد حاربوهم في القديم، وحتماً سيتصدون لهم في المستقبل حتى يهزمونهم ويستعيدون منهم حقوقهم كما فعلوا من قبل مع الصليبيين، ذلك انهم ادركوا عداء هؤلاء لهم ولدينهم على مدى الزمان، ولكن الذي يفاجأهم في هذا الزمان، ان يتولد العدو منهم ومن داخل مجتمعاتهم، فتنبت بينهم نابتة يرفعون دينهم “الاسلام” شعارا، ويتحرفون لقتالهم ادعاء انهم انحرفوا عن الاسلام او ارتدوا عنه، وفي رأي هذه النابتة ان الله اوجب عليهم ردهم الى الاسلام بالقتال، ولهؤلاء النابتة منظرون وممولون، واصبحت لهم في هذا الزمان شوكة ينتشرون في بلاد الاسلام، وتتعدد مسميات جماعاتهم، والغاية واحدة والفعل الدنئ واحد، هم يدعون انهم وحدهم كما يزعمون تيار الاسلام، وما بقي من المسلمين تيار معارض له، واستفحل أذاهم بالمسلمين، فهاهي دماء المسلمين تراق في كثير من بلدان المسلمين بهذه الدعاوى الباطلة، وهذه اموالهم يستولى عليها أو تهدر، ومدنهم تدمر، يفقدون بيوتهم ثم أوطانهم، ثم يسيحون في الأرض مهاجرين من ديار الإسلام إلى ديار غير المسلمين يطلبون الأمان لنسائهم وأطفالهم. وهذه الجماعات تعيث في الارض فساداً ويبرر لهم فئة اخرى افعالهم ويرون ان ما يقومون به جهاد، وتتردد هذه التبريرات حتى داخل اروقة بعض الجامعات، وكل هذا اعظم جناية على الاسلام والمسلمين لم يسبق ان اقام بها بهذه البشاعة اعداؤهم التقليديون. وليت الامر يتوقف عند هذا الحد فقط، بل اتاحوا لاعداء المسلمين التدخل في شؤونهم وفرض خططهم الساعية لتقسيم بلاد المسلمين عليهم، واشاعة مزيد فوضى في ارجاء اوطان المسلمين، لتصبح جل دولهم كما يزعمون فاشلة، ثم ان يعامل المسلمون كلهم على انهم اعداء ارهابيون ان لم يكن فعليين فهم محتملين، ويتظاهر بعض الغربيين ضدهم من اجل ذلك، ويعاملون في مهاجرهم على هذا الاساس، وحتى اصبحت البعثات التعليمية من ابناء المسلمين يعيشون رعباً في ظل هذه المظاهرات. واقطار من اقطار المسلمين في طريقها تكاد ان تتخلى عن سكانها بسبب عدوان هذه الجماعات عليها، والحرب القائمة عليهم من الجو والتي لا تفرق بينهم وبين سكان البلاد المدنيين من غير هذه الجماعات التي تفتك بهم، وفي ظل هذا الوضع المتفاقم كادت تخلو اقطار من سكانها لتكون عرضة لتقسيم بين مكوناتها العرقية والدينية والذي سعى له الغرب منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، واطلق له شعارا يتردد باستمرار حماية الاقليات، التي تقتضي في عرف السياسة الغربية تدخلا في شؤون بلدان المسلمين وان يفرض عليها ما يرى الغرب من خطط عبر مبررات كثيرة، مرة لحماية الاقليات، ومرة باسم نشر الديمقراطية، وحماية حقوق الانسان، والتي اهدرت تماما في غالب بلداننا لا بسبب الاستبداد فقط بل بسبب انتشار هذه الجماعات الارهابية فيها مع التدخل الاجنبي المستمر والذي فرض ما اسماه ثورات وهي فوضى تأتي على الاخضر واليابس وها نحن اليوم عاجزون تماما عن اصلاح اوضاع كثير من بلداننا التي تعرضت لهذه الثورات ملونة كانت ام ذات لون واحد، قام بها مواطنون من تلقاء انفسهم، ام درب بعضهم على نشر افكارها بين المواطنين والعمل لاحداث شروخ بينهم. ويستمر الحال على ما هو عليه سنين طويلة، مما ينبئ عن مزيد من الفوضى تنشر في اوطان المسلمين، الذين لم ينتبهوا بعد للاخطار المحدقة بهم، ولم يقوموا بفعل جاد وحاسم لمواجهتها حفاظا على الاوطان والاديان ونشرا للامن والامان الذين يوفر للمسلمين هدوءا يعملون من خلاله لتنمية اقتصادياتهم والارتقاء بالحياة في اوطانهم، فمتى يستفيق المسلمون من غفواتهم الطويلة التي اضرت بهم في جميع المجالات، ويبدأون في مواجهة كل خطر يكتنفهم بعزم وتصميم والله عز وجل مؤيدهم وناصرهم.