لا شك أن هناك قوانين بحْرية متفقاً عليها عالمياً، فكما أن للعالم قوانين متعارفاً عليها في كل النواحي، في السياسة والاجتماع، وفي التجارة والعلاقات الدبلوماسية والتجارية، وتحتفظ الامم المتحدة بقوانين عالمية تطبيقها واجب النفوذ، إلّا أننا نرى في هذا الزمان تدهوراً في مراعاة هذه القوانين وإنفاذها، حتى ما ظننا أنها ستكون حكومة العالم، أعني هيئة الأمم المتحدة، والتي هي تراعي كل القوانين العالمية، الّا أنها اليوم أول من يفرط في هذه القوانين وتتساهل في تطبيقها، بل تغفل باستمرار عن تطبيقها عبر العالم. واحصروا ما صدر عن هذه المنظمة من قرارات وابحثوا عما طُبق منها، فستجدون أنها القليل النادر، وكأن الأمم المتحدة إنما نشأت لترعى عدم إلزام الدول بالقوانين، فالقوانين تحت نظامها تُنتهك على مَرِّ السنين، وها هي قضية فلسطين صدر في حقها العديد من القرارات ولم يُطبق منها قرار واحد، وها نحن نرى أن قوانين البحار وخاصة مضايقها لا يُطبّق منها شيء، وتنتهكها أضعف دول العالم (إيران) دون أن يلزمها أحد بتطبيقها والالتزام بها، بل إن دولاً كبرى تشجعها على انتهاكها على مر الزمان، ادّعت إيران أنها الحارسة على مضيق هرمز، وهي مياه دولية، تنطبق عليها قوانين المياه الدولية، وللأمم كلها حق المرور من خلالها وليس لإيران حق في أن تسيطر عليها، وتمنع سفن الدول الأخرى من المرور خلالها، ولكنه لم يفعل وكأنه يعترف لها بالسيادة عليها، وظل هذا الأمر تعلن ايران أنها صاحبة الأمر والنهي فيه، ولم تعترض حتى الدول الكبرى ذات القوة والقرار عالمياً فيه، وحتى عندما أعلنت أعظم دول العالم أنها تريد إنشاء قوة عالمية تجوب المياه وتمنع إيران من السيطرة عليها، ظل الأمر يراوح نفسه وأصبحت تبحث عن ممول لقواتها في هذه المنطقة.
إن العالم اليوم يحتاج لاجتماعات تقرر ما يجب أن يفعل في هذه البحار ويدرأ عنها تحكم المتهورين فيها مثل إيران، وتكون القرارات فيها متساوية بين المشاركين في القوة التي تنشأ من أجل منع هؤلاء المتهورين من تعطيل ممارسة دول العالم لحقها في المرور في هذه البحار والمضايق، فالذي يظهر اليوم أن العالم لا رأس له، وما كنا نسميه أقوى دول العالم وأقدرها على حفظ أمنه، لم يعد لها القدرة على فعل شيء.