وقد قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه « رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أخذ حريرا فجعله في يمينه وذهبا فجعله في شماله فقال: إن هذين حرام على ذكور أمتي.
عندما أعلنت احدى شركات الهاتف المحمول “الجوال” عن هدية لعملائها هاتفا مصنوعا من الذهب، وجدت أحد الفضلاء يستعجل لفتوى، فيفتي بجواز استعماله للرجال، فلما سألته على ماذا اعتمد في فتواه، رد بأن الهاتف لا يلبس، فرددت عليه وهل الآنية المصنوعة من ذهب أو فضة وهي محرمة الاستعمال مما يلبس؟ لم يرد علي!!.
وهذا أوان بيان الحكم، فالله قد حرم على الرجال استعمال الذهب حلية للرجال، فقد جاء في الحديث ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهبا” ولحديث الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال رأيت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أخذ حريرا فجعله في يمينه، وذهبا فجعله في شماله فقال “إن هذين حرام على ذكور أمتي” وفي رواية “حل لإناثهم”.
الذهب والفضة في غير التحلي بهما فيحرم استعمالها الا لضرورة أو ما رخص فيه الشارع كحلية السيف ففي صحيح مسلم أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- “الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم”وفي رواية أخرى “أن الذي يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه النار”.
وقد حمل العلماء الحرمة على الاستعمال في كل شيء فقال ابن مفلح في الآداب الشعرية “يحرم عليهما – أي الرجال والنساء- تحلية دواة ومحبرة ومقلمة ومرآ ة ومشط ومكحلة ومرود وكرسي وآنية وسبحة ومحراب وكتب علم بذهب أو فضة،
ونقل والإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم الاجماع على تحريم الأكل والشرب في إناء الذهب وإناء الفضة على الرجل والمرأة”.
يقال: إن الإجماع منعقد على تحريم استعمال إناء الفضة وإناء الذهب في الأكل والشرب، والطهارة، والأكل بالملعقة من أحدهما، والتجمر بمجمرة منهما والبول في إناء منها.
ومعلوم ولاشك تحريم التختم بالذهب للرجال وفي الحديث “يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده” عندما رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يلبس خاتما من ذهب وأمره بطرحه.
وإن كنا لا نشك أن الأوامر والنواهي الشرعية يجب الامتثال لها وإن لم نعلم لذلك حكمة،
ولكن نلتمس معنى معقولا لهذا التحريم لبيان محاسن الإسلام، فأعلى المعادن دوما هو الذهب واستعماله في غير الزينة للنساء، فيه لون شهرة يريد من يستعمله أن ينظر على الناس كما جاء في حديث رواه الإمام احمد وابوداود وابن ماجه والنسائي وقال الشوكاني في نيل الأوطار ورجال اسناده ثقات ” من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة”.
ولباس الشهرة بأوانه أو تفصيله مما يريد به لابسه أن يتيمز به على الخلق، فإنه قد يؤدي إلى العجب والتكبر والخيلاء وقد كان سيدي رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم- متواضعا في ملبسه وكل أحواله.
وفي استعمال الذهب ولو لغير الحلية أو اللبس فيه هذا المعنى ظاهرا ولاشكن فاأولى بنا أن نهى عن ذلك ولا نساعد الناس على اقتناء أشياء مما يستعملونها ظاهرا كالهاتف من المعدنين الذهب والفضة، وخاصة الرجل الذي لابد ان تظهر معاني رجولته في تمتعه بالأخلاق الفاضلة لا باقتنائه لأشياء يريد ان يتميز بها على أقرانه او يتشبه بالنساء.
واذا اتيح للنساء التحلي بالذهب والفضة فوجب على الرجال أن يتنزهوا عن ذلك حتى لا يكون في ذلك تشبه بهن، وان استعمال هذه الأشياء مكلف وفيه سرف وتبذير نهى الله عنهما، فنصيحتي لكل مسلم من أخواني ان يبتعدوا عن ذلك، وإذا فاض المال عندهم أنفقوه في أبواب البر وفقنا الله لما يحب ويرضى.