حماية المجتمع المسلم

لعل هذه الثلاث سنوات العجاف التي مرت ببعض بلادنا العربية المسلمة أثارت في الأذهان أن هذه المجتمعات كانت تحتاج إلى خطط لحمايتها من الشرور وخطط الأعداء الذين يستهدفون تحكيم هذه المجتمعات وتمزيقها وإثارة الفتن داخلها.

ويبدأ هذا بنشر وعي بين المواطنين بالحذر التام من الأفكار المنحرفة وغير السوية والتي تنادي بها جماعات تنادي بالحرية وهي لا تعني سوى الفوضى، وأخرى تلبس رداء الدين وتتخذه وسيلة للسيطرة على المجتمع لتحوله إلى مجتمع يعادي بعضه بعضاً، ويكره أفراده بعضهم بعضاً باسم الدين والدين من كل ذلك براء.

وجماعات تكفر المجتمع وتحصر صحيح الدين فيما تقول، واجتهاداتها كلها تنافر حقيقة الدين ومقاصده، ثم ينشأ من خلالها بعد تكفير المجتمع إباحة الاعتداء عليه، فظهر من يريدون إجبار الناس على اتباع أفكارهم عن طريق العنف، ففجروا وقتلوا واعتدوا على الأموال والأعراض.

ولما كان الإسلام كدين وإن قبل التعدد في الاجتهاد ولكنه لا يقبل أبدا أن يكون التعدد وسيلة إلى التحزب، حتى يكون أتباعه اختلافهم اختلاف تضاد يبنى عليه أن يكفروا بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضاً، والدين ينهاهم عن هذا، ويجعل القتل العمد موجباً لأعظم العقوبات.

والإسلام بعقائده وشرائعه واحداً لا يتفرق ولا يتوزع بين أهله فإذا هو إسلام هذه الجماعة، ويعارضه إسلام تلك الجماعة الأخرى، وإذا تعددت الجماعات التي تدعي أن إسلامها هو الإسلام الصحيح وإسلام غيرها باطل ضاعت المجتمعات وتدهورت صلتها بالدين، وإذا تعددت الانتماءات الدينية صعب على البسطاء تميز الحق من الباطل وسهل تفريقهم وإنشاء العداوات بينهم وزرع الكراهية بينهم، وكان هذا الوضع سائداً قبل حدوث ما سمي بالربيع العربي فوجد الغرب الذي كان يخطط منذ زمن طويل، منذ انتهاء عهد الاستعمار أن يعود للسيطرة على المنطقة العربية والمسلمة، ولم ير أن ذلك يتم بغير تقسيم هذه الكيانات إلى كينونات صغيرة على أسس دينية أو عرقية يمكنه من السيطرة عليها، والاستفادة من ثرواتها دون مقاومة.

فوجد في مثل هذه الأوضاع الفرصة السانحة لتحقيق ما يريد تقوده الولايات المتحدة الأمريكية إلى ذلك، فبدأ بتهييج الشعوب ضد حكامها وأخذت المظاهرات تنتشر في بعض أقطارنا العربية، وكان قد أعد من الجماعات من يركب الموجة، ويحقق له ما يريده، حيث إنه يعرف أن الشعوب ترفض هذه الجماعات لأنها فعلاً إذا حكمت لن تحقق للشعوب أمناً ولا استقراراً ولن تنشئ عدلاً لها، وهي كما عرفنا يعادي بعضها بعضا، وقد رأينا كيف تتقاتل هذه الجماعات على أرض سوريا، وعلى أرض ليبيا.

فعلى باقي مجتمعاتنا العربية المسلمة أن تواجه هذا بنشر وعي بين مواطنيها بأن هذه الجماعة ليست هي التي ستحقق لها النهضة أو أن تنشر العدل في أرجاء أوطانها والاختلاف بينها دوماً قائم، إلى حد الاقتتال فيما بينها.

وأن الإسلام ليس فيه من المذاهب ما يضاد بعضها بعضاً، وأنه دين الرحمة والعدل، ولا يمكن لأحد أن يفسر نصوصه بما يبيح لمسلم أن يقتل أخاه ولو اختلفا في الاجتهاد في مسائل العلم الشرعي.

وأن الغرب لا يمكن أن يكون صادقاً فيما يدعيه من الحرية والديمقراطية التي يريد نشرها في شرقنا الإسلامي، فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه يحرض على الفوضى فإذا استحكمت في بلد تركه بعد أن يصير حطاماً، حدث هذا في العراق التي لم تعد إلى وضعها الطبيعي إلى اليوم وأصبحت أشلاءً لا تجمعها حكومة جامعة، كذا الأمر في أفغانستان والتي حارب الغرب فيها طالبان، وهو اليوم بعد تدميرها تماماً يتفاوض مع طالبان، ولعل أول نتائج هذه المفاوضات إطلاق يدها في باكستان والتي أنَّت هذه الأيام من ضرباتها.

وعلينا أن ندرك أن الغرب لا يمكننا أن نثق به، وعلينا أن نعامله بما يدرأ شره عنا، لا أن نطلق يده في بلادنا العربية والإسلامية فيضيع أمنها وتعود إلى الماضي مئات السنين، فهل ندرك ذلك؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: