لا أحد يعلم أحكام الشريعة الإسلامية إلا ويعلم أن أصحاب الفروض في علم الميراث أهلها كلهم نساء ما عدا الأب وإن علا والزوج والأخ لأم، فالنصف للبنت والأخت، والثلثان للبنات والأخوات، والثلث للأم ، والربع للزوجة والزوجات والسدس للأم والجدة وللواحدة من الأخوات للأم، وهذا ثابت بتفصيل في الكتاب والسنة ثم على الفقه، والله عز وجل لم يترك أنصبة للميراث لأحد حتى لرسوله الصادق الأمين صلى الله عليه وآل وسلم – فحددها نصاً في كتابه، فالنساء وارثات من أموال الآباء والأبناء والأخوة والأزواج بعد الوفاة لا فضل لأحد عليهن في ذلك إلا لله عز وجل، فمنعهن من الميراث لأي سببب كان مخالفة صريحة لأحكام هذا الدين الحنيف، والمسلمون منذ اعتناقهم للإسلام وحتى زماننا هذا لا أحد منهم يعترض على أحكام الله في الميراث، ولكن الجهل إذا تسرب إلى العقول، تولد معه عادات وتقاليد ليست في الإسلام ولا علاقة له بها، مثل منع النساء من الميراث حتى لا ينتقل المال إلى أبنائهن وأزواجهن حسب النظرة القبلية، التي تعود جذورها إلى الجاهلية، حيث كان الجاهليون يمنعونهن من الميراث بحجة أنهن لا يقاتلن، وظل لدى بعض القبائل شيء من هذه العادة، ويتوسلون إليها بتحايل كأن يعطوا للنساء، إذا كن جاهلات بعض المال ويجبرونهن على التنازل لاخوانهن، أو يعقدون صفقات بيع بنصيبهن إن كان عقاراً لاخوانهن وأعمامهن، ولعل بعضهن لا يعلمن أنه بيع، وهو بيع صوري لم يصل إليهن ثمن المبيع بعدل وانصاف، وقد يلجأ الرجال إلى تهديد النساء حتى لا يشتكين مما ينالهن من ظلم، والغريب أن يبقى لهذه العادة الجاهلية وجود في بلادنا حتى يومنا هذا، وان نتابع قصصاً لسيدات أجبرن على التنازل عن ميراثهن، فعلينا خاصة أئمة المساجد والوعاظ أن نقود حملة لتوعية الناس في القرى والأرياف وبعض المدن التي يستوطنها بعض من لا يرون أن للنساء إرثاً وتعريفهم بعظم أثم من يفعل هذا وأنه جريمة لا يجب السكوت عليها، ولعل كثيراً ممن يقومون بمهام الدعوة والوعظ يعلمون هذه المواطن التي تنتشر فيها مثل هذه العادات الجاهلية، فهل يقومون بواجبهم هو ما نرجو والله ولي التوفيق.