كم ستكون فرحة أهالي الحي.. لو أن أحدا من المسؤولين زارهم فرأى واقعهم المزري فسعى معهم لإزالة شكواهم بحل حاسم ينهي معاناتهم
حي الحرمين وهو حي جديد في مخطط لم يمض عليه سوى سنوات قليلة، وبه الكثير من العمارات الحديثة، المباعة شققًا للجمهور، ويقطنها في الغالب مواطنون من الطبقة الوسطى، عدد لا بأس به، اشتروا شققهم بكل ما ادخروه في سنوات أعمارهم، ليتمتعوا بسكن هادئ جميل يؤون إليه آخر النهار بعد أداء أعمالهم فيسعدون بحياتهم التي رتبوا لها بعد أن حازوا على سكن ظنوه مريحًا، فإذا بالمطر في نوبته الثانية التي اجتاحت جدة قبل ما يقارب العامين، فظهرت بعده في شوارع الحي ظاهرة جديدة يعاني منها أهله كل هذه المدة، وهي طفح المياه الجوفية، والتي تعاني منها مواطن أخرى من جدة وتؤرق أهلها ولكنها بالنسبة إليهم أصبحت كارثة، فنبعها مستمر كل يوم مما جعل شوارع الحي ينتشر فيها البعوض والروائح الكريهة، وأفسدت ما رصف من الشوارع، وأصبح دخول الناس وخروجهم منها مغامرة غير محسوبة العواقب، حتى إنهم أصبحوا لا يدعون أحدًا لزيارتهم خوفًا عليه من التعرض لهذه المغامرة، وما قد يلحقهم من أمراض، ويزيد الأمر خطورة أن طفح الماء الجوفي المتأتي غالبًا من مياه المجاري يضر بأساس العمارات وقواعدها، وقد يأتي عليها في المدى الطويل فيفتتها لتنهار بعد ذلك العمارات، وفيما يظهر قد رفعوا الشكوى مما يعانون مرات عديدة، ولكن دون جدوى، ولجأ بعضهم إلى تصوير الواقع في مقاطع فيديو ووضعوها على شبكة الإنترنت وصرخوا يطالبون بمن يعاونهم لإيصال شكواهم لمن بيدهم الأمر في هذه المدينة الرائعة حتى يلتفتوا إلى مأساتهم وينقذوهم من هذا الوضع الرديء، ودون جدوى، وكأن لا أحد يسمع شكواهم، أو يكلف نفسه بأن يقتطع من زمنه شيئًا يسيرًا ليطل على واقعهم السيئ فيشعر بشعورهم، فيحمل معهم الهم وينقله إلى المسؤولين، وكم تكون فرحتهم لو أن أحدًا من المسؤولين في أمانة جدة أو محافظة جدة زارهم فرأى واقعهم المزري، فسعى معهم لإزالة شكواهم، بحل حاسم ينهي معاناتهم، فإن استمرار هذا الوضع كما إنه إساءة لهذه المدينة التي نجملها بشتى المشروعات التي جعلت منها ورشة عمل باتساع هذه المدينة، هو يعرض أهل الحي ولا شك لأمراض عدة لما تولده المياه الراكدة من بعوض ناقل لأمراض خطرة على السكان وسائر الحشرات الضارة، ولما ينقل اليهم من الروائح الكريهة التي تفسد عليهم حياتهم، حتى إنهم لو أرادوا بيع شققهم أو عماراتهم لما وجدوا لها مشتريًا أبدًا وهذا وضع حيهم، ولأن تركوا الحي وعاشوا في بيوت مستأجرة فهم يتخلون عن المدخر من أموارهم التي أمضوا العمر ليدخروها، ولأصابهم هذا بأمراض نفسية تجعلهم في حالة تخيم الكآبة عليها والإحباط، مع أن هذه المشكلة يمكن تلافيها ولو حتى بحلول مؤقتة بشفط لهذه المياه بين الحين والآخر، وتجديد تربة الشوارع، وسفلتتها ولو سفلتة مؤقتة، حتى يشعر السكان بآدميتهم، وأنهم محط اهتمام المسؤولين عن مدينتهم، ومهما كانت التكلفة فهي في محلها لأنها تنقذ أناسًا من مواطني هذه المدينة لهم حقوق وعليهم واجبات، ولا أشك لحظة أنهم سيتعاونون مع الأمانة للقضاء على مصدر شكواهم بما يستطيعون، لأنهم الأحوج إلى ذلك، المهم أن يبدأ في عمل جاد يشعرهم بأن الحياة ستبتسم لهم مرة أخرى، إن السكن المريح -يا سادة- في وطننا غاية كل مواطن يعيش على أرضه بعد أن ندرت فيه الأراضي الممكن إقامة منازل لهم عليها وبسعر معقول، فالتراب الذي أصبح أغلى من الذهب والجواهر، أصبح مشكلة كل مواطن، فإذا حصل على ما يظل رأسه وأسرته بأي صورة كانت فهو يتمنى ألا يفاجأ بمشكلة من هذا اللون، فهل نريحه؟! هو ما نرجو والله ولي التوفيق.