لعل لا أحد من علمائنا إذا سألته عما يسمى بالزواج العرفي، أو الزواج المسمى نكاح المسيار، إلا وسألك عن أركان الزواج المتوافرة فيه من رضا الزوجين والشهود والمهر، فإذا توافرت هذه الشروط حكم بصحته، ولا عبرة عنده لتسجيله في محكمة، أو إشهاره بين الناس، فما قيل كافٍ عنده في الإشهار، والتسجيل في المحكمة ليس شرطًا عنده في النكاح، مع أن التسجيل لدى المحكمة أو وزارة الداخلية يمكِّن كلاً من الزوجين من حقوقهما بعد عقد النكاح، فهو بهذا التسجيل يشهر زواجه عند جهة حكومية لا تضيع عندها الحقوق، وحتى لا يظن أحد أنه بمجرد العقد على امرأة سرًا ولو حضر عقده عليها شاهدان، وكتبا عقدًا برضاهما عن هذا الزواج، أن هذا كافٍ في صحة النكاح وإشهاره، وهو يريد بهذا أن يكون هذا النكاح سرًا لا يعلم به أحد سوى من حضر العقد في غرفة أغلق بابها عليهم، وأمروا ألا يعلنوا ذلك، وهو بذلك يقضي شهوته ممن عقد هذا النكاح عليها، وقد تكون في بلد بعيد عن بلده، وعقده عليها يخالف أنظمتها التي تشترط أن يكون النكاح على يد مأذون شرعي مسجل عند محكمة، بحيث إذا اختلفا رجعا إليها فحفظت حق كل منهما. فالنكاح العرفي الذي لا يسجل لدى مأذون محكمة لا تعتبره السلطات في جل بلداننا الإسلامية نكاحًا صحيحًا تحفظ به حقوق الزوجين، والزوج والزوجة حين يعقدان في بلد الزوجة يعلمان أنه غير معتبر لدى السلطات في تلك الدولة، وتفرط في حقها بالزواج من أجنبي زواجًا عرفيًا.
ومشاكل النساء في جميع بلداننا قد تجعلهن يرضين بما هو أدنى، فيتزوجن الزواج العرفي تخلصًا من إعضالهن، وعدم تزويجهن، بالقول المزعوم من اولياء امورهن إن الآباء والإخوان الذكور أو الأعمام يحافظون على حقوقهن، وهم في الحقيقة ليس لهم همٌّ إلا أن يستولوا على بعض أموالهن فيقفوا حجر عثرة في طريق أن يحصلن على الأزواج. ونحن حينما نعتبر النكاح العرفي غير شرعي، نردع بذلك من لا يخافون الله ممن يتزوجون النساء المسلمات من أقطار أخرى، حتى إذا وقع بينهم الاختلاف أنكروا الزواج منهن، ولم تستطع الزوجة إثبات زواجها، لأنه تزوجها عرفيًا، وهو غير معتبر في بلدها، وقد يحكم لها القاضي في بلادنا بصحة نكاحها ليحافظ على حقوقها وحقوق أولادها منه، وليس هناك حل لهذه المعضلة إلا أن يعي الجميع أن الزواج العرفي غير معتبر الشرعية في بلادنا.