خوارج هذا العصر، يجهلون الدّين، ويتّخذون منه تجارة، ولابد من القبض عليهم لمحاكمتهم المحاكمة العادلة، وإيقاع العقوبات الشديدة عليهم
أول ظاهرة لما نسميه الإرهاب في هذا العصر ما سبقه في عصر دولة الإسلام الأولى ظاهرة أشد قسوة, هي ظاهرة الخوارج, والفئة الباغية, التي يضرها أن ترى للإسلام دولة قائمة, ولها استقرار وأمان, وتصرّف المسلمون تجاه هذه الظاهرة بما أمرهم دينهم, فدعوهم أولاً للسلام, فلما أبوا قاتلوهم حتى استأصلوا شرهم, وأعادوهم إلى جحورهم, ومنعوا أذاهم عن الكافة, امتثالاً لأمر الله عز وجل حيث يقول: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين), ولكن الخوارج ظاهرة اشتد خطرها على مجتمعات المسلمين, منذ ذلك الزمان وحتى زماننا هذا, وقد وصفهم سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لنا بحيث لا يمكن لنا أن نجهلهم في كل عصر ظهروا فيه, ففي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو يقسم قسمًا أتاه ذو الخويصرة, وهو رجل من بني تميم فقال: يا رسول الله اعدل, فقال صلى الله عليه وسلم: (ويلك مَن يعدل إذا لم أعدل, قد خبت وخسرت إن لم أعدل), فقال سيدنا عمر: يا رسول الله ائذن لي فيه فأضرب عنقه ? فقال: دعه فإن له أصحابًا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم, وصيامه مع صيامهم, يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم, يمرقون من الدّين كما يمرق السهم من الرمية, ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء, ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء, ثم ينظر إلى نضيه -وهو قدحه- فلا يوجد فيه شيء, ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء, قد سبق الفرث والدم, آيتهم رجل أسود, إحدى عضديه مثل ثدي المرأة, أو مثل البضعة تدردر, ويخرجون على حين فرقة من الناس), ثم وصفهم فقال, (سفهاء الأحلام, حدثاء الأسنان, يقولون من قول خير البرية, يقرأون القرآن لا يتجاوز تراقيهم, فإذا لقيتموهم فاقتلوهم, فإن في قتلتهم أجرًا لمن قتلهم يوم القيامة) وقال: (يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء), وهم أول مكفرة ظهروا في خير أزمنة الإسلام, وسيماهم التحليق, كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم, كانوا يستبيحون المحارم لتحقيق مطالبهم, سفكوا الدماء وقطعوا السبل واستحلوا المحارم, يسرقون ويكذبون ويفترون, بنوا فكرتهم على القول بألا حكم إلاّ لله), (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون), وقد ناظرهم سيدنا عبدالله بن العباس -رضي الله عنه- فأتم لهم الدليل, ونقض لهم الحكم, وكشف جهلهم, وأتى لهم بالأدلة التي حكم الله فيها حكم الرجال, فحكم الرجل بحكم الله, وظلت نظرية الحاكمية الحديثة, هي مذهب خوارج العصر, وهم جماعات الإرهاب التي تتعاضد مع بعضها باطلاق كلمة حق, وهي أن الحكم لله ويراد بها باطل, أن تكون حجة لما يقومون به من جرائم بشعة تقع بين الحين والآخر في أرض الإسلام, فإنما تعرف الأحكام باستنباطها من أدلتها, وهو عمل الائمة المجتهدين من البشر, والشيء الغريب أن ليس بين خوارج عصرنا عالم, وإنما هم تبع لمن سبقهم, فهم يتتبعون خطاهم, حذو القذة بالقذة, حتى أنهم يكفرون المسلمين بالمعاصي, وكلنا نسمع أقوال هؤلاء ونقرأ ما يكتبون ويجهرون به في بعض البلدان الإسلامية ودعوتهم لا تنجح إلا حيث تنتشر الأمية (والجهل والمرض والفقر) وابحث عنهم ستجدهم ينشرون مذهبهم الرديء في تلك المناطق يستشهدون بأدلة الشرع من كتاب الله وسنة ورسوله صلى الله عليه وسلم يتأولونها على ما لا تدل عليه, يحرفون الكلم عن مواضعه, حتى أنهم أفسدوا على الناس حياتهم ونشروا بينهم الرعب, ومنهم للأسف اليوم من يزرعون الزراعات التي تشتق منها المخدرات ويبيعونها على الناس للحصول على أموال يمولون بها نشاطاتهم البشعة, وتراهم يهاجمون البنوك والمحلات التجارية وحتى المتاحف يسرقون منها الأموال ليصرفوا على هذه الأنشطة المحرمة, ويغسلون الأموال التي تتضخم من أموال محرمة والمتحصلة من نشاطات محرمة لبيع المخدرات, ودور البغاء, وكل نشاط مشبوه, هم يجهلون الدين ويتخذون منه تجارة, ولابد للشعوب قبل الحكومات من مواجهة تقضي على هؤلاء, بأن تجفف مواردهم والقبض عليهم لمحاكمتهم المحاكمة العادلة, وإيقاع العقوبات الشديدة عليهم, وهو ما نرجو أن يحدث في كل بلد ينتشرون فيه, والله ولي التوفيق.