الكتابة بالصحف، والاستشارة لوليّ الأمر، مبناهما أن يسعى الكاتب، أو عضو الشورى في مجالسه وأن يتحين بما يكتب وبما يشير مصلحة الناس ونفعهم، ذلك أن الحكم فيما هو أعظم في الولاية العظمى لـ»ولي الأمر أو الحاكم»، إذ حكمه كما قال الفقهاء منوط بمصالح العباد، والأصل بصاحب المنصب أن يتوخى مصالح العباد، فإذا ثبت أن قراراته مضرة بالناس أو داعية إلى الاضرار بهم ينبغي محاسبته ليتحقق للمواطنين الخير الذي يريدون، وحينما يشير أحد بأمر فيه الإضرار بأفراد المواطنين، من فرض رسوم جديدة عليهم، أو رفع رسوم كانوا ملزمين بأدائها، فلينظر في حال من منهم الأدنى دخلا فيراعيهم في كل ما يفرض من رسوم تلقاء خدمات تقدمها لهم الإدارات الحكومية، ويجب أن يؤاخذ من يكتب في الصحف بأن تضاعف عليهم الرسوم مراعاة كما يزعم لمصلحة الدولة، متناسيًا مراعاة المواطنين ممن تضعف دخولهم عن الوفاء بحاجاتهم الأصلية، علمًا بأن لدى الدولة من الأجهزة ماهي قادرة بالوفاء بمثل هذه المقترحات ان كانت لها وجهة نظر مفيدة، وأعجب لمن تولّى المناصب حتى تقاعد من عمله فمُدّ له في الأجل ليظل على رأس العمل، ولا تجد لجنة إلاّ وكان عضوًا فيها، فلما آل أمره إلى مجلس الشورى، فإذا به يقترح ألاّ يمدّ لباقي الموظفين في أعمالهم وألاّ تتعدد اللجان التي ينتسبون إليها، بل وألاّ يزاد في مرتبات صغار الموظفين، بل لعله في كل أمر يُقترح فيه ما يكون عونًا للموظفين في الأرض رأيته معارضًا، ولو كان على رأس العمل لما فعل ذلك أبدًا، يرعى مصالحه دائمًا، ولا يراعي مصلحة أحد من مواطنيه، وما أختير لمنصبه بعد التقاعد إلاّ ليراعي مصالح أبناء الوطن، لا أن تكون مقترحاته كلّها في غير مصلحتهم، ولعلنا نرى لمثل هذا أخيرًا نماذج من موظفين كل ما استوفاه وهو على رأس العمل يقترح حذفه من نُظم الموظفين، وكأنهم يقولون: كان مباحًا لنا فقط، ولن يباح لمن بعدنا، فهلاّ أصغوا لنداء العقل وكفّـوا عن الأذى.. هو ما نريد، والله الموفق.