الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى
وبعد : هذه رسالتنا الثانية نوضح فيها أن زواج النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – بعائشة أم المؤمنين في سن السادسة , ودخوله بها وهي ابنة التاسعة , الواردة به الرواية الصحيحة لا دلالة فيه على تحديد سن الزواج بهذه السن التي تزوج فيها عائشة رضي الله عنها ,وغاية ما يدل عليه إباحة إجراء العقد على الصغيرة ولكن الفقهاء يتفقون أن الصغيرة إذا عقد عليها كان لها الخيار إذا بلغت أن تمضى العقد أو تطلب فسخه فهي غير ملزمه به والأمر يجرى كذلك على الصغير إذا عقد له أبوة قبل البلوغ كذلك وأيضا اتفقوا على تحريم تسليم الصغيرة للزوج إلا إذا أصبحت مهيئه من الناحية الجسدية والنفسية لهذا الزواج ,
وعبر الفقهاء عن ذلك بأنها لا تسلم للزوج إلا إذا كانت تطيق (الوطء) اى فعل الاتصال الجنسي ومعلوم بداهة أن من يحكم على أنها مؤهلة لذلك من الناحتين ليس هو الفقيه وإنما يرجع ذلك لأهل العلم بذلك من علماء الطب من المتخصصين في التشريح وطب الجهاز التناسلي والنساء والولادة ثم أطباء النفس وعلماء الاجتماع لهذا فجل البلاد الإسلامية قد حددت سنا للزواج للجنسين بالاتفاق بين فقهاء الشريعة وعلماء الطب والنفس والاجتماع فكان السن الذي تتهيأ فيه الفتاه والفتى للزواج وتحمل تبعاته هو في الحد الأدنى سن الثامنة عشرة والاحتجاج بزواج النبي صلى الله عليه واله وسلم بأم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق في تلك السن الصغيرة غير صحيح فتلك الحادثة حفت بها ظروف لا تتكرر فالزوج فيها نبي معصوم عن أن يقع منه الضرر والعصر الذي وقعت فيه مختلف ولم يقل احد بأن هذا السن ملزم للمسلمين أن يزوجوا بناتهم فيه والزعم بأن الآية الكريمة (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة اشهر واللائي لم يحضن واولات الأحمال اجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا) بأنه إباحة للاستمتاع بالصغيرة إذا عقد عليها هو أسوأ فهم لمنطوق الآية فاللاتي لم يحضن لسن الصغيرات بقدر ما هن من تأخر حيضهن إما لمرض أو لغيرة فإن عدتهن إذا طلقن تحتسب بالأشهر لا بالحضيات ولا يعنى ذلك بالضرورة إن عدم الحيض سببه الصغر كما يريد البعض أن يتخذ منه دليلا على صحة العقد على الصغيرات واستباحة الاستمتاع بهن الذي هو أمر مقزز يجب ألا يذكر كما إن علم الطب اثبت بما لا يدع مجالا للشك إن ضرر زواج الصغيرة الجسدي فادح قد يؤدى إلى أن لا تستفيد الفتاة بعده من حياتها بالكلية فإذا انضم إلى ذلك الضرر النفسي البالغ دمرت حياتها تماما لهذا فأن من اوجب الوجبات أن يحدد ولى الأمر عبر نظام ملزم سنا للزواج لا يترتب فيه على الفتاة مثل هذه الأضرار البالغة سواء إن نال الضرر الجسد أو النفس واحتراما لكيانها كانسان معتبرة حريته واختياره وألا تجبر على زوج لا ترضاه والصغيرة ولا شك ليست من أهل الاختيار ولم ينضج عقلها بعد
والأب الذي فيه الشفقة على أولاده لا يفرط في حقوق بناته الإنسانية ولا يعرضهن لفادح الضرر من اجل مال يكسبه فهو محاسب على كل تفريط في حقهن ولو أفتاه من أفتاه بالإباحة التي لا تثبت شرعا ولا عقلا وفى مثل هذه الحالة فليستفت قلبه وان أفتاه الناس وأفتوه فالفطرة حتما ستهديه إلى أن زواج الصغيرات جرم في حق إنسانيتهن التي احترمتها شريعة الإسلام وكل الشرائع الإلهية وسائر القوانين الوضعية
والى رسالة قادمة بإذن الله تعالى .