لا أشك لحظة واحدة أن دول العرب غير الدول الملكية والأميرية لا تزال تعيش الخطر من داخلها وخارجها، فلا يزال ما يسمى بالربيع العربي يتحرك بمخططه المتعمد، يتحرك وتحركه قوى من الخارج لها قوى داخلية أعدت لذلك من قبل وتستجيب له في اللحظة المناسبة، لا من أجل حرية الشعوب، ولا من أجل الديمقراطية المزعومة، وإنما من أجل أن تزداد رقعة الفوضى في هذه البلدان، ومن أجل أن تزداد الحياة فيها تدهوراً، وهم يدركون أن بلداً تشيع فيه الفوضى ويقتتل أهله، لن يعود مرة أخرى دولة تستطيع أن تحمي حدودها، لهذا فصحافة العالم الغربي وإعلامه لا تزال تتحدث عن الربيع وتدعو له، فلا وسيلة اليوم للفوضى سواه، وإحياء مشروعه هو إحياء مشروع تفتيت الدول العربية، حتى لا تبقى منها دولة قائمة، ولا يغرنكم أن تونس كما يزعمون دولة قائمة، رغم مرور ما سمي بالربيع العربي بها، بل بدأ بها، ولا ينظرون ما آلت إليه وما قد تصل إليه قريباً، فهي اليوم شبه دولة، وأخشى إن انفرطت حكومتها وتخلى الرئيس الحالي عنها أن تدب الفوضى إليها وتضيع، إن لم يعرف أهلها الطريق للمحافظة عليها.
وإن كانت دولنا الملكية والأميرية لا تزال قائمة، فإنما يرجع ذلك إلى اتفاق حكامها وشعوبها معاً، خاصة في منطقة الخليج، وقد حاولوا كثيراً أن تصلها الفوضى وفشلوا، فقد نُسجت بينها وبين حكامها، علاقة قوية ثابتة لا انفصام لها، لتفشل معها كل المخططات لربيع عربي يراد رسم خطوطه.
ولعل اليوم إحدى دوله يخطط لها تخطيطاً حثيثاً من داخلها جماعة إخوانية، ممن نال أفرادها تدريباً مخصوصاً من أجل إحداث الاضطراب داخلها، لتمتد إليها حركة ما سمي بالربيع العربي، ونرجو ألا ينجح ذلك، وأن تقف شقيقاتها الخليجيات معها لتفسد هذا المخطط الرديء كلياً، سواء من إخوان داخلها أو ما يخططه الإخوان من خارجها خاصة من هم في قطر وتركيا، فدول الخليج اليوم لابد أن تلتف حول بعضها، لتفسد كل مخطط يراد به أن يوصل الفوضى إلى بلداننا ما استطعنا.