حينما يتلمَّس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- شؤون رعيته، ويعيد لهم الطمأنينة بقراراتٍ حاسمةٍ، تعيد إليهم الأمل في مستقبلٍ آمنٍ، وتأتي أوامره الملكيَّة صريحةً ألاَّ يُمسّ دخل الموظفين، وهم الفئة الوحيدة التي تعتمد دخولهم على مرتباتهم فقط، وما يُضاف إليها من بدلات، ويعتريها النقص في زمن، فيه الدخول تتآكل بفعل ارتفاع الأسعار، وما يلحقه من التضخم، فإن ذلك يعني أن هذه المرتبات ستصبح لا تفي بضروراتهم الحياتية قبل كمالياتها، وحينما رؤي أن تلغى من مرتباتهم بدلات ومكافآت معيَّنة كانت تجعل لمرتباتهم قدرة على مواجهة متطلبات الحياة، لم يستمر الأمر طويلاً، فرأت الدولة ممثلةً في خادم الحرمين الشريفين -رعاه الله- أن يعود الأمرُ إلى نصابه، وأن يتمتع هؤلاء الموظَّفون بما كانوا يتمتعون به من قبل، أملاً في أن ما اتُّخذ من خطوات اقتصاديَّة للنهوض بالبلاد كافٍ، وأنَّ للبلاد من مدخراتها وثرواتها ما يكفي للنهوض بشؤونها الاقتصاديَّة إذا عمل الجميع من أجل الترقي بمشروعات ذلك النهوض، واستمرار العطاء من أجل بقاء البلاد في موضع متقدِّم اقتصاديًّا، هذا هو ما فرحت به البلاد كلها، حتى رأيت على الوجوه استبشارًا بالقرارات الملكيَّة التي صدرت، وأحسَّ الناسُ بثمرتها المباشرة في عودة أوضاعهم إلى الانتظام مرَّة أخرى، بعد أن انحرفت بما قلَّت به دخولهم فجأةً في الفترة اليسيرة السابقة، وكنت لا تجد حديثًا بينهم يجري دون أن يطرق ما حلَّ بدخولهم، وما ترتَّب على ذلك من خلل في حياتهم، وإن صبروا فلعلمهم أن خادم الحرمين الشريفين لن يرضيه ذلك، وما تعوَّدوا سوى الطاعة لولي الأمر فصبروا، حتى يأتي الله بالفرج، وهم موقنون بذلك، فكانت القرارات الأخيرة مؤكدةً على ما ظنّوه من خير، فالحمد لله أن من يلي أمر هذه البلاد يتلمَّس دومًا مصالح شعبه، ويرفع عن كاهلهم أيَّ معاناة تعترض حياتهم، ودومًا كنا نقول: إنَّ الصبر -لا شكَّ- يلتوه الفرج، فاللهُ قد جعل مع العسر يسرين، كما نصَّ في كتابه الكريم، فكل عسر -بحمد الله- يتلوه يسران، ومن تتبع ذلك في حياته، وهو مؤمن بذلك سيشعر به لا محالة، والحمد لله الذي يلهم عباده الصبر، ثم لا يحرمهم من ثواب ذلك، حينما يقدر لهم اليسر، إذا أصابهم العسر، وما أجمل أن تعود الحياة إلى طبيعتها، بعد أن صبر العبدُ على ما اعترضها من عسر واختلال، فاللهُ رحيمٌ بعباده، ييسر لهم عسير أمرهم، ما آمنوا به وصبروا على أقداره. والله الموفق إلى كل خير.