التخلق بخلق سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم – الذي كان خلقه القرآن اقتداء لا يقوم به إلاَّ من أحبَّ الله وأحبَّ رسوله، ثم التخلق بأخلاق الصالحين من صحبه رضوان الله عليهم وتابعيهم بإحسان، وأكثر الناس الذين يجب عليهم هذا الاقتداء هم من ينتسبون للعلم الديني، يحملونه ويؤدونه للخلق بأمانة وإخلاص، فالاقتداء لهم ألزم، والعلم والدعوة والموعظة ليست الوظائف لمن لا وظيفة له، ينتسب إليهم الجميع، ثم لا يلتزم أدباً شرعياً ولا أخلاق نبوية، بل لعله على ضد ذلك كله، والظاهرة الأكثر انتشاراً هي الظاهرة التي تدخل على النفس العجب، ففي مصنف ابن شيبة حدثنا يزيد بن هارون عن العوام بن حبيب بن أبي ثابت قال: رأى ابن مسعود رضي الله عنه ناساً، فجعلوا يمشون خلفه فقال: ألكم حاجة؟ قالوا: لا، قال أرجعوا فإنها فتنة للتابع والمتبوع، وروى سليم بن حنظلة قال: أتينا أبي بن كعب، فلما قام يمشي قمنا معه، فلحقه عمر بن الخطاب بالدرة فقال: يا أمير المؤمنين أعلم ما تصنع، فقال: إنما نرى فتنة المتبوع وذلة التابع، وأنت اليوم ترى هنا وفي بلدان عديدة أخرى، من يدعي أنه الداعية أو العالم الواعظ لا يأتي المسجد الذي سيلقي فيه موعظته، ولا الصالة التي سيحاضر فيها إلا وخلفه من الاتباع الكثيرون مما يشعرك أنهم حماية يحيطون به، ويمنعون الوصول إليه، بل لعل بعضاً منهم يتخذ من بعضهم الشباب الأشداء حراساً له، ولا تدري لم يتخذ حراساً ولا أحد له عنده حقوق لا يرغب في ردها إليه أو ثأر يخشى الانتقام بسببه بل الأمر لا يعدو أن يكون أداة من أدوات صنع النجومية، التي انتقلت من مجال الفنانين ونجوم الكرة، فأصبح من يعدون أنفسهم دعاة يلجأون إليها، مستعجلين الشهرة وكثرة الاتباع حتى قيل إن بعضهم يشتري متابعين وهميين له في التويتر، وترى الناس من هذه المظاهر الزائفة الكثير حتى إن زعيم جماعة دينية حزبية في دولة عربية كبرى ضبطته الكاميرات واتباعه يتزاحمون ليلبسوه الحذاء، فهل هؤلاء يتبعون السلف الصالح؟!!
الوسومالتابع المتبوع فتنة مذلة
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …