فقدنا أمس الأول الخميس 22 رمضان المبارك أحد أعمدة الأسرة الحاكمة، والذي ينتمي لبيت منها عريق في تحمّل المسؤولية، فقد كان والده الملك فيصل نائبًا لجدّه الملك عبدالعزيز -يرحمهم الله جميعًا- في منطقتنا هذه التي تشمل أعظم مدينتين مقدستين للمسلمين مكة والمدينة،
وكان أول وزير للخارجية بعد أن تم توحيد هذا الوطن أرضًا وشعبًا، ثم تولى معالي الأستاذ إبراهيم السويل الوزارة عامًا واحدًا ليعود لترؤسها الملك فيصل حتى توفاه الله، ثم تربع على المنصب فيها ابنه سمو الأمير سعود الفيصل ليظل أربعة عقود وهو فارس الدبلوماسية السعودية، التي شهد له كل وزراء الخارجية في العالم بالكفاءة والقدرات المميزة في قيادة الدبلوماسية السعودية، وقد كان الملك فيصل يرحمه الله في تربيته لأولاده مثالًا يحتذى، فلم يسمح لأحد منهم أن يتولى منصبًا حكوميًا قبل أن يتأهل علميًا، فـ «سعود الفيصل « -يرحمه الله- وأشقاؤه كلهم قد تأهل علميًا قبل أن يمارسوا عملًا حكوميًا، ولم يول أحد منهم منصبًا عالٍيا بمجرد تخرّجه، ولا زال منظر سعود الفيصل وهو يدخل علينا مكتب وزير البترول والثروة المعدنية، وهو يحمل حقيبته، وعندما حاول الموظفون حملها عنه رفض بإصرار، حين عين مستشارًا للوزير، هذا المنظر لم يغب عن مخيلتي، وكنت آنذاك أزور قريبًا لي موظفا بمكتب الوزير، وقد تدرج في المناصب الحكومية قبل أن يلي منصب الوزير، فقد نال شهادته الجامعية من الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1963م وبدأ حياته العملية مستشارًا اقتصاديًا في وزارة البترول والثروة المعدنية، ثم عين مسؤولًا عن مكتب العلاقات البترولية في المؤسسة العامة للبترول والمعادن، ثم عين محافظًا لبترومين لشؤون التخطيط، ثم عين وكيلًا لوزارة البترول والثروة المعدنية عام 1971م، ليصدر لاحقًا المرسوم الملكي بتسميته وزيرًا للخارجية في المملكة، وحينها وجد المجال الذي يظهر فيه براعته، فكان ولاشك بين وزراء الخارجية في العالم رقمًا صعبًا، يحسب له ألف حساب في أي مفاوضات تجريها المملكة مع الدول الأخرى، وكان -يرحمه الله ويسكنه فسيح الجنان- يقف المواقف الصلبة في أي خطر يحسّ أنه يستهدف بلاده، وكان عروبيًا إسلاميّ النزعة قوي العارضة، ينظر إلى مصالح العرب والمسلمين بعين المؤيد الخادم لها، أما مصالح بلاده فهو صاحب المواقف الصلبة تجاه ما يهددها، ولا أدلّ على قامة فقيدنا من ردّة فعل وسائل الإعلام العربية والإعلامية عند الإعلان عن وفاته وتسارعها للحديث عنه وعن مواقفه وقدراته، وقد نعاه كل وزراء الخارجية الذين عرفوه والتقوا به، وإنّا لنفقد بوفاته رمزًا عظيمًا من رموز الوطن، وشخصية بارزة فيه، خدم وطنه منذ تخرجه في الجامعة وحتى قبل وفاته بقليل، نسأل الله عز وجل أن يتغمده برحمته، وأن يلهم ذويه الصبر ويثيبهم على ذلك، وعزاؤنا للوطن كله ولكافة الأسرة المالكة.. والله الموفق.
<div class=”note nomarginbottom”>
<div class=”typo-icon”>
<ul class=”bullet-7 nomarginbottom”>
<li style=”text-align: justify;”>ص.ب 35485 جدة 21488</li>
<li style=”text-align: justify;”>فاكس: 6407043</li>
<li style=”text-align: justify;”>إيميل: [email protected]</li>
</ul>
</div>
</div>