حينما احتل السوفييت أفغانستان، وظهرت جماعات الجهاد الأفغانية، أصبحت مساجدنا تعج بالداعين إلى الجهاد، وسهلت الطرق للشباب أن يلتحقوا بتلك الجماعات واستجاب من شبابنا مراهقون تركوا دراساتهم وأهليهم، وارتحلوا إلى باكستان فأفغانستان يشاركون في الجهاد، وسمعنا يومها من الشيخ عبدالله عزام -رحمه الله- أحاديث عن شهداء الجهاد، وما صاحب وفياتهم من كرامات مزعومة، مبالغ فيها، وأصدر كتاباً فيه قصص هذه الكرامات، وسعى كثير من مراهقينا إلى الموت، بنفس راضية طمعاً في نيل هذه الكرامات، والدخول إلى الجنة للتمتع بخيراتها وبالحسان من الحور العين،
الذي بالغ البعض في وصفهن حتى عرَّاهن وأثار بوصفهن الشهوات إليهن، ولم نلتفت لهذا إلا بعد أن تعرض شبابنا للموت بعيداً عن وطنهم، وبيع الأحياء منهم إلى العدو بأبخس الأثمان، ووجب حينئذ أن نحذر من مثل هذه الدعوات، لا أن نتمادى فيها، فما أن يظهر في أي بلد قتال غير متكافئ إلا ووجدنا من يعيد الكرة فيزعم للمقاتلين كرامات يدفع بها الشباب إلى أتون المعارك، وهكذا صنع صاحبنا الذي يتهم الخلق ويذمهم ويشتمهم بأقذع الشتائم، فيخرج على قناة يزعم أصحابها أنها إسلامية مراراً، ويفيض إناؤه بكل ألوان السباب التي يجب أن يربأ المسلم بنفسه عنها، فكيف بالعالم أو الداعية، فالمثقفون منافقون يحسبون كل صيحة عليهم، ولهم علاقات مشبوهة بالسفارات، وهو له صلات بالمسؤولين في الدولة أطلعوه على معلومات تثبت كل تهمه للمثقفين، وهو حتماً ما لا يحدث، لأن الدولة وقصد بها الحكومة، فهو لا يفرق بينهما إن جمعت معلومات عن أحد لا تتطوع بإطلاع مثله عليها، إلا في حال قد يبلغ الفساد أقصى مداه، ويصف المثقفين بأنهم همج وأغبياء، وسبق له أن قال عن بعضهم إنهم لا يساوون بصقة فلان من الناس، وترع بشتيمة مرذولة حينما وصف أحدهم بأنه جزمة (حذاء)، وعن بعضهم أنهم يستحقون القذف، وهم جهلة خاسئون، فهم بزعمه لا يحركون فكراً، ويتهمهم بأنهم لا يعرفون حقيقة القذف، ويقصره بزعمه على الزنا وفعل الفاحشة، وينسى أن اتهام المسلم بأنه منافق أو فاسق أو أنه يرغب في الفساد ويتمنى أن تشيع في المؤمنين الفواحش كما يدعي بالباطل على مثقفي هذا الوطن كله قذف بغير الزنا، وهو يستحق القاذف فيه التعزير، وإلا أصبحت أعراض الناس مستباحة، ولو أن كل الشتامين من هذا اللون عرضوا على المحاكم وطلب إليهم أن يأتوا بالبينة على ما يتهمون به الناس ويقذفونه بما هو أشد من الزنا من الكفر والنفاق والفسق، وحكم عليهم إذا عجزوا بما يستحقون من العقوبات لزالت هذه الحدة المصطنعة، التي تغلي بها صدور البعض، صاحبنا هذا رده الله الى الصواب فاجأنا مؤخراً في إحدى خطبه بحديث عما يجرى في سوريا قائلاً: (حدثوني.. وحدثني أحدهم عن ولده، وهو شيخ كبير وقد استشهد ولده قال: خرج ولدي يوماً فأصيب فرجع إلينا، وجعلنا نحاول أن نعالج إصابته، يقول: فإذا بمجموعة الزبانية يدخلون علينا، ويضربون الولد، وكانوا يكررون: مَنْ الخيالة البيض الذين معكم؟ مَنْ الرجال البيض الذين كانوا يركبون خيولاً بيضا؟ أين هم؟ اعترف مَنْ هم؟ وقال: يا شيخ والله ما كان معهم رجال بيض ولا خيل بيض إلا أن تكون ملائكة من السماء) فافترض أن ما يجري في سوريا قتالاً بين فئتين والحقيقة أن القتل يقوم به النظام وحده، وهكذا أسلوب هو ما دفع شبابنا الذين ضاعوا في أفغانستان والبوسنة والهرسك والعراق ولم يعودوا، ومن عادوا منهم جاءونا وهم أعضاء في جماعات إرهابية، أسستها القاعدة، ورمت بها بلداننا الإسلامية فعاثوا فيها فساداً، ولا نزال نعاني من جراء غزواتهم المشؤومة، فمتى يصمت هؤلاء عن هذا العبث حتى لا يورطوا أبناءنا في قتال لا ناقة لهم فيه ولا جمل؟ آمل أن يكون هذا قريباً فهو ما نرجو والله ولي التوفيق.
جزاك الله خير يا شيخنا، ومع كل ما ذكرت فهناك من سيبقى مخالفا لتلك الرؤية التي جئت بها، وسيزعم أن ما تقوله فتنه فإنا لله وإنا إليه راجعون صارت فتن زماننا كقطع الليل المظلم.وكما أوضح أبو عمر في التعليق فينطق الرويبضة في أمر العامة وربما أتى بأدلة وصار يلويها لتحقق أهدافه..
أسأل الله أن ينفع بفكرك يا شيخنا عبدالله فراج وأن يهدي شبابنا للفقه في دين الله…
روى يزيد بن هارون أنبأنا عبد الملك بن قدامة عن المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سيأتي على الناس زمان سنوات خداعات : يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة . قيل يا رسول الله
وما الرويبضة ؟ قال : الرجل التافه ينطق في أمر العامة .