هذا الإرهاب المنتشر في العالم اليوم له حقيقة واحدة يجب ألا تغيب عن الذين يعلنون حربه، فإنه مادام هناك من يدعم هذا الإرهاب، ويمده بما يجعله يعيش مستمرا، رغم ما شُن عليه من حروب قاسية، دمرت مدنا بأكملها بل قل بلدانا كاملة، بكل ما احتوته من مصادر العيش فيها وتفرق أهلها بددا في هذا العالم، تستقبلهم دولة كلاجئين وترفض أخرى، والبلدان التي دمرت أخذت اليوم تتعدد، والإرهابيون كلما طردوا من مدينة استولوا على أخرى في ذات البلد، أو خرجوا منه إلى مجاور له، فعاثوا فيه فسادا، والحال اليوم لا يرضي عاقلا، فهؤلاء الذين نسميهم إرهابيين، جملة مقاتليهم من صغار السن أو ممن يجهلون حقائق الدين والحياة، وتُغريهم المتعة الزائلة التي يحصلون عليها أثناء التحاقهم بجيش الإرهاب، وهؤلاء حتما لا يملكون مالا ولا علما ولا خبرة، ولكن لهم من يمدهم بمنظرين يدفع أجورهم، وقادة يُدرِّبونهم على السلاح والقتال، ويمدهم بالمال الذي يشترون به السلاح، وأحيانا بالسلاح ذاته، وهؤلاء «الممدون الإرهاب» بما يعيش به أزمانا، ما بين دولٍ مصلحتها أن يعيث هؤلاء في أقطار معينة فسادا، أو هم أفراد من الأغنياء أحيانا، أو دول بعضها صغير يبحث عن مكانه في وسط دول العالم ولجهل حكامه لم يجد طريقا لشهرته سوى هذا، أو دول عظمى من مصلحتها أن تظل دول بعينها في حاجة لمثلها تساندها وتحميها، فلو أمنت هذه الدول لم تعد في حاجة إليها، فاضطراب المناطق في العالم -خاصة منطقتنا- أتت من هذا السبيل، وما لم تقلم أظافر الصغار من الدول حتى تكف عن تمويل الإرهابيين ومدهم بالسلاح والرجال، ومحاولة التفاهم مع الدول الكبرى أن طريق الحصول على المنافع لا يكون عن هذا الطريق أبدا، لأنه إذا ثبت تمويلها للإرهاب سهل التفاهم معها، وإيضاح الطريق الأسلم لتحقيق مصالحها، دون الإضرار بمصالح الآخرين، والعلم بدعمها الإرهاب عالميا قد يحرض دول العالم أجمع عليها، فتفقد من المصالح أعظم مما تجلبه بالاعتماد على الإرهاب وطرائقه القذرة، وإن تكاتف دولنا الإسلامية التي تئن من هذا الإرهاب، لو اجتمعت كلمتها، ستصنع به انتصارا قد يشكك فيه الكثيرون، ولكنه حدث من قبل، واستطعنا طرد الأعداء من فلسطين وإعادة القدس، ولدينا اليوم من القدرات العسكرية والاقتصادية والموارد البشرية والطبيعية ما نواجه به العالم إذا اتحدنا واجتمعت كلمتنا، ورأينا مصالحنا حقيقة، فإن لنا القدرة ولاشك على تحقيقها، وصلتنا بالدول الأخرى التي لا تحمل عداء لنا، يمكننا أن نستميل بعضها إلى صفنا، فبعضها تعاني مما نعانيه، وسيجدون في عرضنا ما يحقق بعض مصالحهم، وهناك من الطرائق والخطط التي سبقتنا إليها أمم ودول تخلصت به من عداء دول عظمى لها، فكيف إذا كان العداء خفيا والظاهر ضده، وإنا لنرجو أن تنجح مساعينا حتى نتخلص من هذا الإرهاب المستمر الذي أضر بدولنا، فهو ما نريد، والله ولي التوفيق.