حديث الثورات لم ينتهِ؛ بعد أن شبعنا منها دمارًا، خطط له، لأوطانٍ عربية هي اليوم وللأسف خرائب، وأهلها مُهجَّرون في أرجاء هذه الدنيا، يُعانون أشد المعاناة في مهاجرهم، وها هم في أوروبا يسامون سوء الاستقبال، مرّة يوحون لنا أنهم يعلمون المآسي التي مرّت بهم ويريدون إزالتها، ومرة يشتدون عليهم ويُعيدونهم من حيث أتوا. رأينا النساء والأطفال يسامون بكل سوء، حتى أنّا قلنا إن المروءة العربية لم يعد لها في عالم اليوم وجود، والخطأ ليس خطأ الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، فهم أنشأوا ما أسموه معاهد التغيير، ليستفيدوا فيها من شبابنا العربي ممّن تدنى وعيهم، ليُقنعوهم أن التغيير بالعنف هو الطريق إلى المستقبل، ليُخرّبوا أوطانهم بأيديهم، وليحملوا المعاول ويشاركوا في هدم أوطانهم حتى لا يبقى فيها عمران البتة، ثم ليُتيحوا لجماعات التطرف والإرهاب الدخول ليقضوا على كل حياة مدنية في أوطاننا العربية، فإذا هي تنام على الرعب وتصحو عليه كل يوم، وإذا الأوطان تسقط واحدًا بعد الآخر، والغرب يتخلّى عن أوطاننا العربية صراحةً، بل ويُحمِّلنا كل ما فعل بنا من سوء، ألم تسمعوا رئيس أكبر دولة غربية، يشن علينا حملة ويعتبرنا مُفسدين لأوطاننا، الغرب لا يمكن أن يحمي أمة اعتبرها عبر العصور عدوّة له، وأعد العدّة للانتصار عليها، وسعى جاهدًا للانتقام منها، وقد لاحت له الفرصة في زمنٍ استطاع فيه أن يتسلّط عليها برغبتها، حينما اعتبرت العدو صديقًا، فحرّكها لثوراتٍ لا وظيفة لها إلا تخريب الأوطان، فما نجحت ثورة في الوطن العربي كله وأدت إلى تغيير إلى الأفضل، وإنما هي ثورات أدت إلى فوضى تأتي على الأخضر واليابس، بل وكل شيء قائم في الأوطان، ولو كان سورًا حول أرض مملوكة.. هُدِّمت كل مشروعات البنية الأساسية والمدارس والمستشفيات والعمارات والمساكن -مهما قلّ حجمها- ولا يزال الهدم مستمرًا، ولن يبني الغرب ما شارك في هدمه بطائراته التي لم تطرد جماعات الرعب من أوطاننا، ولكنها هدمت مظاهر الحياة فيها، وإن لم ينتبه لذلك هؤلاء المخدوعون بوهم التغيير، فليعملوا أن أوطانهم لن تعود إلى ما كانت عليه ولا بعد خمسين عاما أو أكثر، إذا بقيت الأوضاع على هذه الحال، لا نجد في أوطاننا العربية رجالًا يشغلون أنفسهم بالبناء، والبناء وحده، فالأوطان لا تبنيها أيد مشتغلة بالهدم أبدًا، فهل نحن فاعلون؟! هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.