قرأنا في جريدة الحياة يوم الثلاثاء 20 ربيع الآخر 1436هـ خبراً عن دراسة فقهية قال الخبر: أكدت دراسة فقهية حديثة: ان حكم قطع يد السارق لا يسري على من يعمل على سرقة الدّف، رغم أنها تعد من المال، والسبب يعود أن آلة الدف تعد من جنس المعازف، التي ورد الوعيد على اللهو بها، وذلك شبهة يدرأ بها حد القطع إذ أن الحدود تدرأ بالشبهات.
والعبارات هي ما وردت في الجريدة المذكورة، والدراسة اعدتها استاذ مساعد في قسم الفقه في كلية الشريعة بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية تحمل درجة الدكتوراه وتذكر الصحيفة عن الدراسة هذه: ان وصية صاحب الدف التي تفيد التصرف فيه بعد مماته مباحة وصحيحة ويؤخذ بها، ولكن شهادة ضارب الدف ترد ولا يؤخذ بها وذلك في حال ان شاع بين الناس وتعارفوا على انه يعد من خوارم المروءة وبعد ان وصفت الدّف قالت : انه لا أوتار فيه أو جرس ولا صلاص او صراصر او جلاجل أو خلق، ولكنها مع هذا كله رأت انه من المعازف المتوعد عليها، وان الأصل فيه التحريم، وإباحته في العيد والعرس انما هو استثناء ولكنها حرمت بيعه وأجازت الانتفاع به، وبالتالي أباحت إعارته، لكنها أباحت اتلافه ولم توجب ضمانه ثم عادت في عبارة مباغتة فقالت : وان حرم وجب ضمانه.
والكلام المنشور في الجريدة متناقض لا يمكن ان يكتبه متخصص في العلوم الدينية فكيف يكون الشيء في ذات الوقت مباحاً ومحرماً.
واذا كان الدف قد ضرب به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عبدالله بن بريدة عن ابيه قال: “رجع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من بعض مغازيه, فجاءت جارية سوداء فقال : يا رسول الله إني كنت نذرت لله تعالى سالماً ان اضرب على رأسك بالدف، فقال : ان كنت نذرت فأفعلي والا فلا. قالت : “اني كنت نذرت فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت بالدف”وقال الحافظ بن حجر رحمه الله اختلف في جواز الضرب بالدف في غير النكاح والعيد والحديث حجة في ذلك فحملوا اذنه لها في الضرب بالدف على اصل الإباحة لا على خصوص الوفاء.
ولضيق مساحة المقال فلن نسترسل في البحث ونرجو ان نكتبه وننشره فالتشدد لتحريم كل مباح ضار بالدين والدنيا، وما اظن ان قضية الضرب بالدفوف التي تجري في مجتمعنا على قدم وساق في الرجال والنساء هي معضلة الاسلام التي تجعل استاذا او استاذة اكاديمية تتفرغ لبحث حكمها المستقر المعلوم من الدين بالضرورة ولا حتى على سبيل الترف العلمي بل لعلها تثير الكثير من الخلاف الذي ليس تحته ثمرة ولا يفيد الناس في شيء لا في دينهم ولا دنياهم ولعل في جامعتنا من مثل هذه البحوث الكثير المتراكم الذي لا يضيف الى العلم شيئاً جديداً وهو ضار لا نافع.
فعلى جامعاتنا الا تسمح ببحث فيها يقدم حتى للترقية الا وهو مهم للمجتمع والامة ينفعها في دنياها وآخراها.. لا مجرد ان تسود الصفحات ثم تراكم في مكتبات الاقسام ولا ينتفع منها أحد. بل وقد تثير جدلاً نحن في غنى عنه ونحن اليوم في عالم يرى الناس فيه بعضهم بكل سهولة ويؤاخذ بعضهم بعضاً على مثل هذا الذي قد يسيء الى سمعة الجامعة التي سمحت به.
وحبذا لو صرف اكاديميونا وقتهم في اعداد بحوث موضوعية علمية ترد على هذه الجماعات المتطرفة وتلك المحاربة الارهابية، وابطال كل ما تحتج به لتنقذ شبابنا من براثن هؤلاء المنحرفين المجرمين، فهذا خير من انشغالهم ببحوث على هذا المستوى، فهل يفعلون، هو ما أرجو والله ولي التوفيق.
الوسومبحوث جامعاتنا جامعة لترتق
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …