النفاق أخطر مرض يصيب الانسان فيصرفه عن الحق ان كان نفاقاً دينياً ويصرفه عن الصدق في المعاملة ان كان في المجال الاجتماعي لهذا حذر منه ربنا عز وجل فقال : “انّ المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم واذا قاموا الى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله الا قليلاً”، وقال : “إن المنافقين في الدرك الاسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً” والنفاق في الدين ان يبطن الانسان غير ما يظهر ، فهو في الظاهر مسلم وقلبه انعقد على الكفر ، والمنافق بين المؤمنين خطره عليهم عظيم فهو قد يكون يدا عليهم مع عدوهم ، هو في الحالات التي يتعرض فيها المؤمنون لخطر عظيم ، فهو ليس معهم على غاياتهم واهدافهم ، فسيكون مثبطاً لهم على ان ينالوا من عدوهم خاصة ان كان يشترك معه في عقائده.
وحذرنا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – من النفاق فقال : (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : اذا أوتمن خان واذا حدث كذب ، واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر” فالمنافق الخالص هو من ورد في القرآن التحذير منه، أما من كانت فيه الحصلة والخصلتان فقد يكون مؤمنا ناقص الايمان حتى يتخلص منها.
وإذا أمعنا النظر في هذه الخصال فهي ولاشك ما يعانيه البشر كلهم من هؤلاء الموصوفون بها فهذا الذي لا يأمنه الناس ان يودعوا عنده اماناتهم، فهو ايضا غير مأمون الأمانة العظمى وهي الطاعة لله ان يتبع ما امر الله ويحتذب ما نهاه عنه، وخيانة الامانة اليوم وللأسف منتشرة في كثير من مجتمعات المسلمين، واشدها خطر العابثين بالمال العام سرقة ونهباً واولئك الذين يخونون شركاءهم في التجارة والصناعة والذي يخون ربه فلا يخرج زكاة ماله ويخون ايضا الفقراء بذلك.
وهذا الذي اذا حدث الناس كذب عليهم، وهذا الذي يمسك بالقلم ليكذب على قرائه، وهذا الموظف الذي يكذب على رئيسه في العمل، والرئيس الذي يكذب على مرؤسيه وفي الاعلام كاذبون باعداد ليست بالقليلة وبين هذه الجماعات المتأسمة من يذكب وكأنه يتنفس.
والكذب آفة تفسد الحياة في أي منحى من مناحيها استعملت فحذرها ايمان والوقوع فيها اولى علامات الفسق.
وهؤلاء الذي يعاهد الناس ثم يغدر بهم مثل الرجل الذي يتزوج امرأة بعهد الله وميثاقه فيغدر بها ، ويحول حياتها جحيماً ليحصل على مالها فانه فيه خصلة نفاق، والصديق الذي يغدر بصديقه فينشر سره او يكذب في الحديث عنه لينفر عنه الناس فيه هذه الخصلة المذمومة فما بالك بمن يغدر في العهود حتى بينه وبين اعداء الاسلام ومن يفتي بحرمة ما هو حلال ومن يحل الحلال يغدر بمن افتاه او قلده وتابعه، لذا كان الغدر من اشد الصفات قبحاً حتى ان الغادر يركز له لواء يوم القيامة ليفضحه الله بين الخلائق، وهؤلاء الذين نقرأ لهم كل يوم حينما يرد بعضهم على بعض فيفجر احدهم في الخصومة ويدعي على خصمه بما ليس فيه كل نقيصة يريد ان يشوه صورته امام الناس وتسمعهم على شاشات الفضائيات وترى خصوماتهم الشاذة على صفحات الانترنت.
ومن مصلحة المجتمع المسلم ان يحارب هذه الخصال في افراده فيربي النشء على كراهيتها وعدم التخلق بها ، ومن تكون فيه هجره الآخرون حتى يقلع عنها واذا نتج عنها ظلم يحاسب عليها من تخلق بها واضر الناس، ليكون المجتمع بعيداً عنها، ولعله يفعل فهو ما أرجو والله ولي التوفيق.