طبعاً قامت ما سميت ثورات الربيع العربي بداية في تونس، والتي كانت شرارتها الأولى عجيبة غريبة، إذ نسجت لها قصة لم يدر أحد مقدار صدقها أو زيفها، وهو أن تخلق لها قصة مفادها أن امرأة تعمل في الشرطة تعدت على شاب يبيع الفاكهة أو الخضار فيعمد هذا الشاب لحرق نفسه، في قصة أشبه ما تكون بالحواديت، ثم تنطلق بين الناس حركة شعبية عارمة، ورغم أنها قضت على الاستقرار في تونس، إلا أنها لم تأتِ ببديل للحكم الذي سقط، ولم يستطع أحد أن يكشف حتى اليوم عن مظالمه ومفاسده، ولا كيف قد قضى عليها.
ولكن تأتي قصة هذا الشاب لتكشف ما هو أبعد من ذلك، أن العالم كله يريد خلاص تونس من رئيس جمهوريتها، ومن حكومتها القائمة ورؤساء ولاياتها، ليسيطر على تونس من ليسوا أهلاً للحكم فيها، فيزول من تونس العربية كل استقرار، وتتأثر كل أحوالها، فتضطرب الحياة في جميع أجزائها، ولم يأذن الله لها أن تعود إلى استقرار أبداً، ولم يتحقق أمن في أرجائها، ولم يلبث الأمر إلا قليلاً من السنين، حتى ترى تونس ما لم ترَ كل ما وعدت به أثناء ما سمى ربيعها العربي، فلا ديمقراطية تحققت، ولا سياسة مستقرة ظهرت بوادر لها، ولا اقتصاد قوي تحقق، بل كل ما عدت به ثورة الربيع العربي هذه لم تتحقق، ولعله لن يتحقق حتى يعرف الناس، كل الناس في أوطاننا العربية من خطط لهذا الذي أسموه في الغرب الربيع العربي، وحتى يدركوا من دفع ثمن هذه الفوضى التي شاعت في أقطار كثيرة من أقطارنا العربية، التي لا تزال تعاني من فوضى ما حدث وما تكبدت من خسائر وقتلى، ولم يتحقق من كل الوعود التي أشيع أنها ستتحقق شيء أبداً، وحتى لا يزيد التدهور في هذا المنحدر أقطاراً أخرى تطمع في حياة أفضل، ولكنها تفاجأ بالأسوأ مما يتحقق في الواقع.. دماء تسيل على كل أرض عربية، واقتصاد يتدهور وأمن وأمان يسلب، وجماعات إرهاب تنتشر ولا أكثر.