لعل الأخبار المتداولة اليوم عن عودة العمالة المنزلية من إندونيسيا إلى بيوتنا مرة أخرى، فيها بعض الحقيقة، فهي العمالة الوحيدة التي عملت في بيوتنا، وقلَّت مشكلاتها، فأنا مثلاً وزوجتي أم أولادي -رحمها الله- لم نكن ممن يُحبِّذون الاستعانة بعمالة منزلية من الخارج، مادمنا نستطيع أن نتعاون فنخدم أنفسنا بأنفسنا، وظللنا سنين طويلة ونحن لم نبحث عن هذه العمالة، وكنا بخير حال حينما كانت أم أولادي تتمتع بصحة جيدة، فأكفيها أنا الخدمة خارج البيت، وهي تكفيني إياها داخله، ومضت بنا الحياة سهلة ميسورة بحمد الله زمناً طويلاً، ولم نحتج لعمالة منزلية، حتى أصيبت أم الأولاد بمرض عضال، واحتجنا إلى من يخدمها، فاستقدمنا حينها عاملة منزلية من إندونيسيا، وعاشت بيننا ست سنوات تخدمنا دون مشكلات، وتعلمت من ربة البيت كل ما تقوم به على أكمل وجه، فلما توفيت زوجتي صُدِمَت وعادت إلى بلادها، ومنذ ذلك اليوم وصورة الاستقدام قد تغيَّرت، فلم يعد يأتي من إندونيسيا عاملات، وغيرهن من الجنسيات الأخرى حال دون استقدامهن شروطٌ عسيرة، ومن معي في المنزل لا يستطيعون القيام بالخدمة، وخاصة أن لي ابنة واحدة تعمل طبيبة يقتضي عملها في الخارج كل وقتها، وقد جربت استقدام عاملة بنغالية، ولكنها لم تستمر في خدمتنا سوى سنتين وعادت إلى بلادها، رغم أن زوجها سائقنا، وجربت أن استقدم عاملة منزلية من الفلبين وفشلت، ثم استقدمت عاملة منزلية من الحبشة، ما إن حلت بمنزلي إلا ومعها من المشكلات ما لو قسّمته على الجيران لكفاهم، مما اضطرني للتنازل عنها لمصلحة آخر تخلُّصًا من مشكلاتها، فلعل العودة اليوم لاستقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا ما يسعفنا بعاملات يقمن بعملهن ويأخذن أجرهن دون مشكلات، فكثير منا لا يستطيع احتمال مشكلات كهذه، فقد جربنا كل باب وصددنا عنه، حتى هذه المكاتب التي تُؤجِّر العمالة المنزلية فلم تفلح في أن تسد حاجتنا بما نستطيع دفعه من الأثمان، فمن تفاوضوا مع الدول المصدرة للعمالة لم يستطيعوا تقدير ظروفنا، وقبلوا من الشروط ما لا نستطيع تحمله، فهل في هذه العودة بعيدًا عن الشروط التعسفية، فنستطيع أن نجد من يخدمنا بأجرٍ عادل، وبعيدًا عن شروط لا يمكننا القبول بها؟، هو ما نرجو، والله ولي التوفيق.