تعرَّضت بعض الأقطار العربية لمحنٍ قضت على استقرار بعضها، وهدّمت الكثير من عمرانها، وزرعت الفتن بين أهلها، وعرَّضت بعضها لاستعمارٍ أجنبي زمنًا، فرزحت تحت إرادته زمنًا، ولا يزال له التأثير المباشر عليها، الذي لا تستطيع التخلص منه، وهو لا يزال يحيك لها ما يجعلها خاضعة له، وإن رحل، وأدخل إليها جماعات إرهاب متنوعة، وفي عهده تنوَّعت أطماع دول سمح لها أن تتحرَّك على أرضها بحرية تامة، وهذا العراق نموذج حي لذلك، فلا يزال يعاني، رغم ما زُعِمَ بأنه ستُطبَّق فيه الديمقراطية التي وُعِدَ بها، فما كانت، ومستعمره محكم القبضة عليه، وجيشه يحكمه، وبعد أن رحل جزئيًا، إلا أن الوعود؛ لا ظل لها في الواقع، وما استقر حتى هذه اللحظة له نظام.
إيران تُريد الهيمنة عليه، وفي داخله أيادٍ تُساعدها لتحقيق ذلك، وإن لم تنجح كليًا حتى اليوم، وجماعات الإرهاب التي استوطنت أرضه، ما أن يُعلَن الانتصار عليها، حتى تعود مرة أخرى، ويشتد هجومها على سكانه، وفي داخله تتوزَّعه إرادات أحزاب وجماعات، حتى تكاد تجعله مُقسَّمًا، وترونه أسيء استعمالها، ووُجِّهت لغير منفعة شعبه، ولم يبقَ منها للدولة إلا القليل، الذي لا يكفي أن يُقام فيه عدل، بتوزيعها على أقاليمه وسكانها، وفقد كثير من السكان ضرورات الحياة، وما دُمِّر منه لا يمكن في المنظور من الزمن القريب إعماره، فهو يحتاج إلى المليارات، التي لم يعد العراق يمتلكها اليوم، وحتمًا لن يتبرع بها له دول قد شاركت في دماره، ورغم أن العراق بلد ثري جدًا، له من الثروات الطبيعية الكثير، وله مساحات زراعية كبيرة، وبين سكانه مَن لهم كفاءات وقدرات لو أتيح لها أن تعمل لنهضت به، وله حضارة تُشوَّه اليوم ويُقضَى على آثارها، ولكن هذا كله في زمان الخراب الذي تحياه الكثير من الأقطار العربية لا يكفي أن يعود مثل العراق وطنًا لأهله سالمًا، فلا يزال من أبنائه من هم في أصقاع كثيرة من العالم لاجئون، ولن يعود العراق إلى ما كان عليه أبدًا، ولابد أن يفيق ساسته على هذا الوضع المتردِّي، ويسعون جادين لإنقاذه، والذي لن يكون إلا باجتماع كلمة جميع مكوّناته من عربٍ وأكراد، شيعة وسنة… وغيرهم من أصحاب أديان ونحل أخرى، ونبذهم الفرقة التي أضاعت وطنهم، وأن يبتعدوا عن أهم أسبابها وهي الطائفية، التي ما وُجدت في وطن إلا وفرقت أهله شيعًا، وأن يلتفوا حول بعضهم بعضًا، حتى يستفيدوا من كل كفاءات وقدرات مواطنيهم لبقاء وطن قوي آمن، فهل يفعلون؟! هو ما نرجو، والله ولي التوفيق.