منذ عرفت الصحافة، ثم بعد ذلك سائر ألوان الإعلام، مقروءة ومسموعة ومشاهدة، في هذا العالم، الذي يتواصل اضطرابه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وحتى يومنا هذا، وهو في الأعم الأغلب يكاد أكثره فاقدا للمصداقية، بل وقل: إن كل ما يتغنى به المنشئون لوسائله من الموضوعية والصدق والحياد مفقود في أغلبه، ويندر أن تجد بين هذه الوسائل الإعلامية المنتشرة عبر العالم بكل ألوانها القديم والحديث ما يتمتع بمصداقية مشهود لها، إلا ما تدعيه، وما يشهد به بعضها لبعض ، حتى أن أكذوبة أن الإعلام الغربي له مصداقية، تهاوت منذ زمن بعيد، ومن لا يصدق ما أقول، فليتابع وسائله خاصة المقروءة والمشاهدة، وليسجل ما تنشر من أخبار ومن آراء سياسية مثلاً، وينظر في الواقع بعيون مفتوحة، وسيجد أن كثيراً مما تنشره يثبت -بعد زمن يسير- عدم حدوثه، إن لم أقل كذبه الصِّرْف، ولعل معظم ما ينشره إعلام الغرب عن دول العالم الثالث المستقرة سياسياً هو من هذا الذي يشير إليه الواقع، وأتمنى لو أن شباب الإعلاميين من بلداننا العربية المخلصين لما انتسبوا إليه من حرفة أن تكون موضوعاتهم العلمية عن الإعلام تتم باختيار وسيلة أو اثنتين من وسائل إعلام الغرب، وتتبع ما نشرته وهو محفوظ على صفحاتها أو في برامج مسموعة أو مرئية أو مكتوبة، وهل تحقق ما نشر في الواقع أم لا، وأنا على يقين أن كثيراً منه مفبرك مصنوع، هم فقط اعتمدوا على دعايتهم المستمرة لكل ما يفعلون ويتخذون من الوسائل ما يجعل الآخرين يصدقونه دون بحث أو دراسة، فلما استطاعوا عبر جامعاتهم وما تقدمه من دراسات عن إعلامهم وإعجاب الكثيرين منا بما ينشرونه، وأن يشهد لهم منا من خضع لابتزاز بعض أساتذته في جامعاتهم، والحقيقة مغايرة تماماً لما ينشرون، وقد اكتشفوا في مرحلة الحرب الباردة الكثير من الزيف الذي مورس آنذاك ضد المعسكرين، الرأسماليون ضد الاشتراكيين، وهم ضد الرأسماليين، ووسائل الإعلام التي توصف اليوم بالجيدة أو المتقدمة، هي التي تستطيع إقناع متابعيها بأن ما لم يحدث قد حدث، ومن تريد تشويهه «فرداً أو جماعة أو دولة» يكون لها القدرة على تشويهه، رغم أن ما تنشره ليس صحيحاً، وليس له أي صدى في الواقع، وما لم يدرك الناس في عالمنا هذا، فإنهم سيبنون أحكاماً على زيف لا مصدر له إلا من نشره، فهل نفعل؟ هو ما أرجو، والله ولي التوفيق.
معلومات التواصل:
ص.ب: 35485 جدة 21488
فاكس: 6407043
إيميل: [email protected]