أصبح لدى بعض الناس هواية في أن يصنعوا مقطع فيديو في ثوانٍ يشير إلى سلوكٍ عابث منتقد، ويصنعه على قناة اليوتيوب على الإنترنت، وعلى الشبكة مواقع تحشد هذه المقاطع لمن يريد مشاهدتها، وما أن يوضع منها مقطع إلا ويتداوله الناس على أنه حقيقة وقعت، وهو في الواقع مصنوع لأغراضٍ في وَهْم صانعه، قد يكون أدناه مجرد إشغال الناس بها عما يهمهم لحياتهم، وقد ترقى الغايات إلى الإيقاع بأضرار يريد أن يوقعها ببعض الناس، بل أصبحنا نجد من البسطاء من يغتر ببعض أهل الشر، فيشترك معهم في صنع مقطع، وهو يظن كما وعدوه بهدايا أو سلع تنقصه، وما قصة (عم معيض) عنا ببعيد، حتى إن الرجل الذي ظهر في المقطع يعترف بأنه فبرك مع أطفاله المقطع لما وعدوه به، ولعل هذه جريمة خلقية حينما تدعو الناس إلى الكذب، فيصنعون أمرًا هو عارٍ عن الصحة تمامًا، لتشغل الناس به أسابيع، يكون حديث مكالماتهم التليفونية، وحديث مجالسهم إذا اجتمعوا، بل وأكثر من ذلك أن يكون موضوع مقالات بعض الصحف، مع أن الكل في الغالب يدركون أن هذا كله فبركة لا حقيقة له على أرض الواقع، يؤدي إلى أضرار كثيرة، ولا نفع منه للناس، ونحن قوم جاءنا نبي رؤوف بنا رحيم، دلّنا على وجوه الخير كلها، وحذّرنا من كل ألوان الشر، فقد كره لنا -عليه الصلاة والسلام- أن نمزح بالباطل وقال: (إني لأمزح ولا أقول إلا حقًا)، وحذّرنا أن يأخذ أحدنا من أخيه شيئًا مزاحًا مثلا ليجعله يفتقده ويبحث عنه فقال: (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لا لاعبًا ولا جادًا)، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ويل لمن يحدث فيكذب، ليُضحك به القوم ويل له)، وكثيرًا ما يفعل مثل هذا مراهقونا دون أن يُدركوا حرمته وعظيم ضرره، وعلى وعّاظنا وأئمة مساجدنا ومدرّسينا معالجة هذا الوضع، وإرشاد الناس لضرره، وعلى الإعلام أن يشارك في توعية الشباب بالذات بخطورة هذا الفعل، وألا ينقلوا أخباره حتى لا يظن الناس أنه شيء محبب للنفوس يُضحك الناس، وعلى إخواننا الكُتَّاب ألا يُعلِّقوا على أحداثه، لينتشر أكثر بين الناس ويألفوه، وهو ولاشك شرٌّ بالغ يجب القضاء عليه، ولعلهم فاعلون.