نهاية رباعي الحرب السورية

كانت الحرب في سوريا ذات ضلعين لا ثالث لهما، كان هناك شعب ينادي بحريته للخلاص من مظالم حاكم لا تُحتمل، فخرج هذا الشعب عبر الطرقات يطالب بحقوقه المشروعة، ويظن أنه ما دام مسالماً فهو آمن، ولكن نظام الحكم فيه لم يعرف تجاه هذا الشعب سوى المظالم، التي لم يعرف لها العالم مثيلاً في عصرنا الحديث، فأخذ يصب جام غضبه على شعب أعزل يطالب فقط بالعدل، وكانت حربه ضد شعبه أشرس الحروب التي عرفتها البشرية حتى اليوم، مما ترتب في النهاية أن يحمل بعض أفراده السلاح حماية لأنفسهم ولعائلاتهم. وهنا وجدت الجماعات المتطرفة أرضاً خصبة لدعواتها، ولتدريباتها على القتال، فأصبحت في سوريا متعددةً، بعد أن ضرب جيش النظام مدن سوريا وجعلها مدمرة، تدميراً شبه كلي، وهجَّر منها عدداً كبيراً من سكانها، وبعد أن ملأ السجون منهم، والذين قتلوا منهم لا يحصيهم العدد، فأصبحت سوريا نموذجاً حيًا لمظالم حاكم لم يعرف العدل قط.

وها نحن اليوم نرى سوريا مدمرة العمران، مقطعة الأوصال، بعيدة جداً عن أن تعود شعباً واحداً متماسكاً، ثم دخلت دول بجيوشها النظامية إلى الساحة السورية وقاتلت الشعب السوري لتُعين النظام على البقاء حاكماً لشعب يكرهه، ودون أن يستطيع السوريون شيئاً لردعهم، فقط دخلوا بجيوش نظامية أو شبه نظامية، تستخدم من الأسلحة أحدثها، وأكثرها اليوم دماراً، فالدولة الروسية استطاعت أن تحول الحرب في سوريا لمصلحة النظام السوري المتعنت الظالم لشعبه، وإيران استطاعت أن تعين النظام السوري ببعض جماعات من حرسها الثوري، وبجيش من مرتزقة وإن كانوا شيعة، لا هم لهم إلا الحصول على المال الذي تبذله لهم إيران، ثم مَدّتهم بجماعة لبنانية إرهابية أنشأتها لتسيطر على بلد عربي كان العرب ينتظرون أن يكون نموذجاً للتعايش في منطقتهم بين الأديان والطوائف، فحولوه لبلد ارتهنته طائفة واحدة، وهي الجماعة المسماة حزباً لله زوراً، وجاءت الدولة التركية بزعم أنها تريد الحفاظ على مظاهر تاريخية لدولة الخلافة العثمانية فعبثت في سوريا، وقاتلت بعض مكونات الشعب السوري، فإذا الشعب السوري تحت دول وجماعة طائفية شرسة، فلم يكفهم أن دمروا سوريا وتشريد شعبها حتى خططوا لإلغاء ما سميت دولة سوريا، لتصبح مستعمرات لهم، وطبعاً مهما طال ليل الظلم فهو مُنجلٍ ولا بد، فللعدل رب لا يرضى الظلم، وسيؤدي القتال وإن كف بعض الوقت اليوم إلى طرد المستعمر وإن كان قوياً، فما استطاع مستعمر على مدى الزمان أن يبقى في أي بلد بصفة دائمة، وسينصر الله الشعب المظلوم وإن طال الزمان..هذا إيماننا، ولعل ذلك يكون قريباً.

About عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

Check Also

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: