هذا العنوان سؤال لعل المقال إجابة له، فنحن نعلم أن الإسلام دين أخلاق، فالله عز وجل يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم) والتزكية إنما تعني تطهير القلوب من الشرك وعبادة غير الله عز وجل والأخلاق الرديئة والعادات السيئة، فالأخلاق ركيزة الإسلام الأولى، التي بها اشتهر وبها انتشر، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، ولعل اختيار العرب أمة الدعوة إلى الله إنما جاء لما اشتهروا به من أخلاق فاضلة، وعندما سئل عليه الصلاة والسلام: أي المؤمنين أفضل إيمانًا قال (أحسنهم أخلاقًا)، بل إن عباداته وحدها تنهى عن الفحشاء والمنكر، ألم يقل ربنا عز وجل (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر)، ويقول (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم)، بل إنه يؤكد أنه ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب الخلق الحسن ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة، بل صاحب الخلق الحسن أقرب الناس من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، والأخلاق في كتاب الله تجعل منه كتاب خلق بامتياز وأبواب الخلق الحسن في السنة النبوية لا حصر لها.
وحينما بعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإسلام ديناً خاتماً للأديان الآلهية إلى هذه الأرض، ما نشره بين الناس آنذاك مثل أخلاق صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعل ما بلغه الإسلام في الأرض أكثره ما انتشر فيه بالدعوة إليه من أناس حملوا الإسلام أخلاقاً وسلوكاً، فتبعه الناس لإعجابهم به وبأخلاقهم المستقيمة وسلوكهم المنطبق عليها، واليوم نرى في بلدان المسلمين لا أقول بعداً عن الإسلام بقدر ما هو بعد عن أخلاقه والتأثر بدعوته إليها، حتى قل المؤمنون به في عصورنا المتأخرة، وظهرت بين أهله الردة عنه وإن كانت نادرة، فالإسلام بأخلاقه التي دعا إليها المؤمنون به هي سبب شهرة هذا الدين وثقة الناس بأهله، ولما ضعف اهتمامهم بأخلاق دينهم ضعفوا، حتى رأينا من أهله ما يبدي إعجاباً بالصهاينة لزعمه أنهم تقدموا، مع أننا نسمع عن قبيح أفعالهم كل يوم، فهل نحن في حاجة لتدارس أخلاق الإسلام من جديد، أظننا في حاجة ماسة لذلك نربي عليها أبناءنا وننشرها ببينا حتى نعود من جديدة سادة الدنيا بأخلاقنا وسلوكنا المنطبق عليها، فإنا إن فعلنا هنا أعدنا للدين نوره وبهجته ورأينا إقبال الناس عليه وهو ما نرجوه.. والله ولي التوفيق.