كنا نظن، أن هذا العالم الذي نعيش به، والذي تحكمه قوى عالمية لا ترضى إلا بانتصارها على باقيه بأساليب، تكون في كثير من الأحيان ظالمة، حيث لا يهمها إقامة العدل بين دوله، ولا حفظ أمنه إذا تعرض لحروب قاسية تنتشر في أرجائه، أو تعرض لمشاكل بيئية قد تؤدي لاختلال الحياة فيه، أو إذا انتشرت فيه أوبئة كبرى تقضي على الحياة فيه، كل ما يهمها أن يخضع العالم لمشيئتها، وإن كان هذا العالم يئن تحت كبرى المشكلات، والدول التي لا تستطيع المقاومة إنما هي الدول الأضعف في العالم، والتي تخضع لهذه القوى العالمية في الغالب، مالم تمتلك ثروات طبيعية تدرأ عنها ما يخطط به للآخرين، وهو أمر قليل من دول العالم، أما سائرها، فإما دول تخضع للقوى العالمية وتمكن معها لانتصارها ولو كان في هذا ضررها الظاهر، وأخرى تنجو من هذا لأن بيدها ما تدرأ به الضرر بصورة أو بأخرى، ولكن هذه قليلة جدًا، وتبقى دول العالم بعد ذلك خاضعة لهذه القوى العالمية، والتي تضمن لمن يساعدها على تحقيق انتصاراتها ولو كانت ظالمة، حياة بعيدة بعض الشيء عن تحكمها فيها، كما تتحكم في الآخرين، وذلك عبر اختلاف الدرجة فقط، ويستمر الحال على ماهو عليه، منذ انقضاء الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم، وما يعانيه العالم اليوم في كل قضاياه بسبب الفيتو في مجلس الأمن لدول خمس تتحكم في مقدرات العالم، عبر هيمنتها على سياساته، ومن ضمنها تحكمها مادامت منتصرة تحقق غاياتها، وتزيد في ثرواتها، أما عندما تتعرض إلى أي لون من الرفض فسلاح الفيتو مسلط على كل قضايا دول العالم، وويل لشعب لا يرفع عنه سوط الاحتلال مادام هذا السلاح في يد دول خمس تحكم العالم.
آن الأوان أن يعيد العالم النظر في هذا النظام الذي يعطي دولاً محددة السيطرة على سياسات العالم عبر فيتو ظالم، بقى مدة طويلة وظهر ضرره البالغ على سياسات هيئة الأمم المتحدة ودول العالم، وله كل يوم ضحايا في أرجاء العالم، يئن العالم كله من استخدامه، وله أثر على دفن الديمقراطية في هذا العالم فلا تصل إلى كثير من الدول الخاضعة لسياسات من لهم الحق فيه.. فهل يستيقظ العالم ويعيد النظر في سياسات تحكّم القوى العالمية في دول أخرى عبر الفيتو؟.