كنا نلاحظ أن نشر أخبار الحوادث من كل نوع في وسائل إعلامنا المحلية، خاصة الصحف، في أكثر الأحيان، يكون شديد الغموض، ذلك أن تتبع الأخبار عن غير الطريق الذي يكشف للمخبر الصحفي النبيه حقيقتها: متى حدثت وسبب حدوثها، ومن هم أطرافها، التي حدثت عبر أفعالهم. والصحفي أو الإعلامي الذي لا يذهب إلى مواقع الأحداث، ويكتفي بالسؤال عنها بعد وقوعها عبر الهاتف فقط، أو يبحث عنها في وسائل التواصل أو عبر الصحف الأخرى، حتماً لن يجد من يتبرع له بالخبر واضحاً لا لبس فيه، لذا نقرأ في الصحف خبراً أنه عثر على جثة في مزرعة، وأن الشرطة تبحث عن القاتل، ولا يزيد الخبر على ذلك شيئاً، ويظل أياماً يتردد بنفس هذه الصيغة المختصرة، والتي لا تُشبع نهم القارئ، الذي يتمنى أن يقرأ خبراً استطاع المخبر الصحفي أن يجلبه عبر تواصله مع جهات التحقيق، بل ومع مَن حضروا وقوع الحادث، وأطرافه المشاركون فيه إن عرفوا، أما أن ينقل إلى صحيفته خبراً روته وسائل التواصل ومواقع الإنترنت، ودون أن يبحث عن الحقيقة، فهو خبر لا يهم القارئ أبداً، وكم نشر من خبر نُشر عنه في الصحف ثم اختفى، ولم يعرف القراء كيف حدث ومن هي أطرافه، وما هي أسبابه، رغم أن وظيفة الإعلام أن يكشف عن الحوادث عند وقوعها وأسبابها وأطرافها بأسرع ما يمكن، أما إذا كانت وسائل الإعلام تنتظر حتى تتطوع جهات التحقيق بذلك، عبر بياناتها فقط، وهي التي قد لا تعلن عن ذلك لما يعتري بعض الحوادث من غموض، وهذا طبعا للكشف عن أسباب حوادث، التي في الكشف عن أسبابها وأطرافها خطر أمني، وهي نسب قليلة جداً، أما جل الحوادث فالوصول إلى أسبابها وفاعليها لا حظر عليه أبداً، وإنما المطلوب أن يتحرك الصحفي والإعلامي بسرعة ويسعى لكشف أسبابها وأطرافها الرئيسة، وهو في كثير من الحوادث أمر ميسور لو بذل الصحفي جهداً للوصول إليها، فلا خبر يهدى للصحفي والإعلامي وهو في مكتبه لا يغادره، هذا في الحوادث المحلية، أما الحوادث الخارجية فلعل جل صحفنا ووسائل إعلامنا لا تملك وسيلة للاطلاع عليها، وتنتظر ما تمن عليها به وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الأجنبية، حتى وإن كانت في عصرنا هذا جلها تلجأ للفبركة، خاصة في القضايا التي تمس حقوق الإنسان في البلدان العربية والمسلمة، ولا نجد في جل صحفنا ووسائل إعلامنا ما يكشف لنا وللعالم عوارها، مع أن الكشف عن ذلك سهل جداً، وفبركة الأخبار عن بلادنا تصل أحياناً إلى كذب خطر عن أوضاع بلادنا، ولا نقرأ في جل وسائل إعلامنا ردوداً قوية تمنع التمادي في الباطل.
الوسومأخبار الاعلام الحوادث غموض وسائل
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …