إن طلب الشهرة هو ولاشك من أمراض النفس الخطيرة، فهو ينتج عن أنانية وحب ذات، واعجاب بالنفس يغيب عن الانسان عيوبه، وما ذم الاسلام الرياء إلا من هذا الباب، فأصل الجاه هو انتشار الصيت والاشتهار وهو مذموم، بل إن المحمود هو الخمول إلا من شهره لنشر دينه من غير تكلف، ولا طلب شهرة منه، أليس ربنا عز وجل يقول: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً) ويقول أصدق القائلين: (من كان يريد الحياة الدينا وزينتها نوف اليهم اعمالهم فيها وهم لا يبخسون، أولئك ليس لهم في الاخرة إلا النار وحبط ما صنعوا وباطل ما كانوا يعملون)، فحب الجاه منشأ كل فساد، وصور طلب الشهرة تتعدد، وكلها شر لا خير فيه فهذا الذي يظهر التدين ويتصنع التقوى ليثق به الناس، ويقبلون عليه، من اجل أن يستفيد منهم في معاملات مادية تجري بينه وبينهم، وهذا الذي يسعى الى اقناع الناس بأن له قبولاً عند كل الناس، ليحظى منهم بمواقف تعينه الى ما يسعى إليه من مناصب دنيوية أو دينية، او اكتساب أموال هو لا يستحقها، فهو أنما يخادع الله والناس انى يخدع ربه، فحب الشهرة يفتك بصاحبه يقول الفضيل بن عياض رحمه الله: (ما أحب أحد الشهرة والرئاسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير) وهو فعلاً ملاحظ في عشاق الشهرة الذين يسعون اليها بكل وسيلة تمكنهم، ويحسدون ويبغون على غيرهم، ويتتبعون عيوب الناس المخالفين لهم ليحطوا من شأنهم حتى لا يحب احدهم ان يذكر سواه بخير، ومن يطلب الشهرة بإظهار العلم هو الأضر بالناس، فهو ممن يبيع دينه بديناه، تراه لا يهتم الا بما يظهره بين الناس ويشهره، فتراه اذا اختلف مع غيره كان الأشد خصومة، واستعمل كل اسلوب وإن تدنى ليسقط مخالفه وليظهر على حسابه، فالشهرة بريق يأخذ بالالباب، وما رامها أحد إلا وتخلى عن كل القيم ليصل اليها، اما من لم يكن للشهرة عليه اثر ولا يهتم بها أصلاً، فإنها ان كان عالماً مخلصاً لله في علمه فهو ولاشك سيصل إليها ولو لم يطلبه فالحق يدركه الناس ولو بعد حين، اما من اشتراها بكرامته ودينه فإنه لا يلبث أن يفقدها مع ما فقد من كرامته ودينه، فاحذر اخي القارئ أن تضيع دينك ودنياك بطلب شهرة زائفة فهو ما نرجوه لك والله ولي التوفيق.