الثلاثاء , 3 - ديسمبر - 2024

مواقف السعودية لا يعلن عنها سواها

الغريب أن الإعلام في عصرنا هذا فقد المصداقية إلا ما ندر، فهو ينسب إلى الدول أخباراً غير صحيحة، ويتحدث عن وقوع أحداث فيها لم تقع أصلاً، أو يتحدث عن علاقات لها بدول لا تربطها أصلاً بها صلة أبداً، بل وقد لا ترتبط بها صلة مستقبلاً. وكنا نبحث عن المصداقية في وسائل إعلام غربية فلا نجد إلَّا نادراً، أما اليوم فقد أصبحنا نجد أن أخبارها مما لا يوثق به أبداً، بل إننا لنسمع اليوم عبر وسائل إعلام لدول كبرى ما لا يمثل واقعاً أو حقيقة، وأصبح البحث عن الخبر الذي تطمئن اليه النفس لا يكون إلا أن تسمعه أو تقرأه في وسيلة إعلام الدولة المعنية به، وإلا فعليك أن تشكَّ فيه، فالصدق بعيد عن وسائل إعلام العصر، فإعلام هذا العصر لم يعد أحد يثق به، فكم من خبر أُعلن ثم اتضح أنه لم يقع أصلاً، وكم من أقوال نُقلت عن رئيس دولة ثم اتضح أنه لم يصرح بها أبداً، فالأخبار في عصرنا هذا يعتريها الكثير من عدم المصداقية، إن لم نقل أنها تُفبرك لتؤيد اتجاهاً سياسياً معيناً. فمنذ الإعلان عما سمي صفقة القرن وقبل أن تُعلم ماهيتُها، ويعلن عنها صاحبها، حُمِّلت دولٌ معينة مسؤولية الموافقة عليها، حتى ولو لم تصرح بذلك، ولم تحضر حفل إعلانها كبلادنا، ولكن وسائل إعلام غربية وعربية أصرَّت على أن المملكة وافقت عليها، بل كاد بعضهم يقول إن المملكة شاركت في وضعها رغم أن المملكة لم تصرح بذلك ولا أعلنت موافقة عليها، أو تأييداًُ لها أو حضرت الإعلان عنها، ولكن البعض أصر على ذلك لأنه يتمنى لو أن المملكة فعلت، مع أن المملكة دولة لها مكانتها في هذا العالم وهي مستقلة القرار وذات سيادة ولو كان لها رغبة في التأييد أو القبول لأعلنتها دون أن تخشى أحداً أبداً. ويظهر أن بين الدول العربية وبعض الدول المسلمة بل وبعض دول العالم من تحمل للمملكة حقداً وترى أن إضافة مثل هذا إليها قد يضرها، وهكذا أرى أن بلادنا رغم مواقفها المعتدلة عالمياً يُنسب اليها من المواقف ما لا تؤيده ولا ترغب فيه، وما ذاك إلا لظن من فبرك الخبر ونسبه اليها أنه إن فعل ذلك أضرَّ بها، ولكن المملكة لا يضرُّ بها من المواقف ما صدر عنها إلا إن كان لا يوافق المعلن من سياستها، لشدة خطئه، وهو ما لا تؤيده ولا ترغب فيه.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: