الذي لا يتطرق إليه الشك أبداً أن الإيمان بالرسل عامة، وبرسولنا الكريم محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء وإمام الرسل –صلى الله عليه وعليهم وسلم كثيراً- فهم نجوم في سماء الدنيا لا تتغيب سواء أكانوا أحياءً أم أمواتاً عند ربهم أحياء في برازخهم، لم يغير الموت منهم شيئاً، لهم المقام الأسمى عند الله، وعند المؤمنين بهم حتى يلتقوا مرة أخرى يوم القيامة، حينما يبعثون، يلتقون في الدنان جزاء وفاقاً من رب العباد، ألم يقل ربنا عز وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا)، فالإيمان برسل الله هو رابع أركان الإيمان لا يصح إيمان إلا به، ويقول ربنا عز وجل: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَإسْمَاعِيلَ وَإسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)، وقد تهدد ربنا أولئك الذين يعادون الرسل ويكرهونهم فقال: (إنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً* أُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقًا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا* وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)، جعلني الله وإياكم من المؤمنين برسل الله جميعاً عليهم صلوات الله وسلامه ومن المؤمنين برسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم، وإيماننا بهم وبه يجعلنا نحفظ لهم مقاماتهم ومكانتهم عند الله والناس، ونعلم أنهم وإن كانوا بشراً إلا أنهم اصطفوا من بين البشر جميعاً، وكلفوا بمهمة لا يقدر على أدائها سواهم، وهي تبليغ رسالات الله إلى عباده، لذا عصمهم الله أن يخطئوا فيما كلفهم به، ولكن للرسل أعداء عبر الزمان لا ينتهون، فالله عز وجل يقول: (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إلاَّ قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ* أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ)، ولهؤلاء الأعداء أساليب شيطانية يستخدمونها للوقوع في عرض أنبياء الله ورسله، يطورونها عبر الزمان، وغايتهم أن يصرفوا الخلق عن اتباع الرسل لنيل محبة الله ومحبتهم، وهم دوماً بحمد الله يفشلون، ولعل أكثر الرسل الذي يتخذونه عدواً هو إمامنا وحبيبنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور، وهدانا إلى الحق، فقد وجه الأعداء إليه الكثير والكثير جداً من التهم بنقائص لا تكون ممن بعثه الله رحمة للعالمين، وكثير من هذه التهم يستعصي على قلمي أن يكتبها، فمن عادى سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد عادى الله، ومن أبغضه وأراد النيل منه فليس بمؤمن ولا مسلم حتماً، وهو كباقي أعداء الرسل عبر الزمان لأنهم رفضوا دعوة الرسل التي ذكرها الله عز وجل في قوله: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِى الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ)، رفضوا دعوة الرسل (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ)، والغريب اليوم أن كثيراً ممن يدعون الإسلام والإيمان لا يتورعون عن الوقوع في عرض سيد الخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم فيرددون ما يقوله أعداؤه من اليهود ومن أضلهم الله على علم من النصارى، والمستشرقين المؤيدين للاستعمار في وقت غزوه لشرقنا الإسلامي، وقد حشدوا من التهم ومن النقائص ما لا حد له، والغريب أنهم كلما اجتهدوا في ذلك أظهر الله محاسن هذا الدين الذي جاء به صفوة خلقه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وأحياناً يشتد ألمي عندما أسمع من انتسب إلى العلم الديني وهو يردد هذه التفاهات بحجة أنها شبهات ليرد عليها، وهو يشيعها بين الناس دون أن يدري، فقد عفا عليها الزمان ولم تؤثر في مسيرة الحق الذي جاء به سيدي رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وهذه نصيحة أخ لكم في الله لا تنقلوا أقوال أعداء الله ورسوله إلى عامة المسلمين فأنتم تستثيرون بهذا عداوتهم فهم أعداء لمن عادى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تحت أي شعار وبأي سبب، فاحذروا فإني لكم ناصح أمين.