أعظم مواسم الطاعات

من نعم الله على عباده المؤمنين به والمقتدين برسوله سيدنا محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم – أن جعل الله الأزمات تتفاضل، بعضها أفضل من بعض، ليتيح لهم مزيداً من القرب إليه لاشتغالهم بما فرض وندب لهم من الطاعات، ولما حثهم عليه من التطوع بها، والغاية أن يبلغوا الرضوان من ربهم، وأن يأنسوا به في كل أحوالهم، فيقربهم إليه، وتلك فرحتهم العظمى أن يكونوا من المقربين.
ومن أفضل تلك الأزمان الفاضلة، التي جعلها الله موسماً للطاعات يتقرب بها عباده إليه، شهر رمضان سيد شهور السنة، الذي تتنوع فيه الطاعات من صلاة وذكر وتلاوة وصيام، وإنغماس في كل هذا آناء الليل وأطراف النهار، يعتاد بها المؤمن على الطاعات، التي إن توالت محت الذنوب، وطهرت العبد من أدرانها، فهو أعظم ولا شك مواسم العبادات، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، وبالثلاثة يتطهر المؤمن من كل معصية خطرت في نفسه أو تحولت إلى فعل، فالطائعون لربهم، هم سادة العباد وقدوتهم، وقد منّ الله على المسلمين بشهر رمضان خاصة منهم الشباب في مقتبل العمر ليتدربوا على الطاعات ولينفروا من المعاصي، فإنهم إن صاموا نهاره وقاموا ليله وشغلوا أوقاتهم فيه بصلاة وذكر وصدقة ترسخت في نفوسهم الطاعة فتجملوا وتحلوا بالفضائل وتخلوا عن الرذائل، وأقبلوا على ما يرضي الله ويقربهم إليه، وما فرحوا بالفطر يوم العيد إلا وهم أحباب الله قد رحمهم وغفر لهم وأعتق أجسادهم من عذاب النار، فتحول كل ما فعلوه في رمضان عادة لهم لا يتخلون عنها أبداً، فإذا ضموا إلى ذلك قراءات مناسبة في مصادر الاسلام من حديث وتفسير وسائر العلوم الدينية، فحفظوا أنفسهم أن يقعوا في الشبهات، وتخيروا من أهل العلم أفاضلهم ليشرحوا لهم ما غمض عليهم من نصوص تلك المصادر فإني على يقين أنهم سينجون حتماً من هؤلاء الذين اشتغلوا بالتنظير للضلال وزينوا لهم أن يستحلوا ازهاق الأرواح وتدمير العمران على أنه جهاد وما هو إلا بغي وعدوان، وسينجون من المحرضين على العنف, وأولئك الذين يدعون ليل نهار إلى ترك الإلتزام بالدين بدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان ويسمونها حيناً إنسانية وحيناً تنويراً، وما هو إلا ضلال لمن أظلمت منهم النفوس وعطلت العقول.
ولا حماية لمراهقينا وشبابنا من هذا كله إلا أن ننتهز هذا الموسم العظيم لنعودهم فيه على العلم بدينهم علماً صحيحاً وبإمتثال أوامره ونواهيه كما أرادها الله من عباده فيغنموا أوقاتهم فيه طاعة وتقرباً إلى الله يحميهم من الضلال ويزين لهم الطاعات التي هي سبب النجاة من المهالك، فلا هداية إلا بعلم وعمل متكاملين، وبهذا ولا شك نكسبهم لديهم ولدنياهم وليعمروا وطنهم حساً ومعنى، فيعم أرجاءه أمن وأمان، ويتُعرفُ فيه على المواطنين الصالحين الحريصين على الوطن وأهله، وينبذون أولئك الذين همهم الاضرار به وبهم، لأنهم ضلوا ويسعون إلى إضلال غيرهم.
فرمضان يا سادتي أعظم مواسم الطاعات فأقبلوا فيه عليها وأمروا أبناءكم وأهليكم بها، فهي التي ستجلب لكم حتماً خيري الدنيا والآخرة، كونوا فيه عباداً للرحمن لا تعصونه أبداً وتفعلون ما تؤمرون به، وتنتهون عما نهيتم عنه.
وكل عام وأنتم بخير وجعلني الله وإياكم من عتقاء هذا الشهر ، الذين يتوبون من قريب فيقبلهم الله فيرحمهم ويغفر لهم ويحقق لهم في دنياهم وأخراهم ما يطمحون إليه وفيه رضا لربنا واتباعاً واقتداء بسيد رسله وخاتم أنبيائه المصطفى – صلى الله عليه وسلم.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: