أهم حدثين وقعا في رمضان

كانت بدر جوهرة الحروب.. الانتصار فيها يقين لأن الله وعد به، ومع هذا ظل رسول الله يدعو ربه ويستعجل نصره..

رمضان الشهر الذي جعله الله موسما لعباده يراجعون فيه أنفسهم ويخلصون فيه التوجه إلى ربهم، يقبلون على الطاعات، ويتخلون عن المعاصي، وينشطون فيه لأعمالهم أكثر من الشهور الأخرى في الغالب لتخففهم من الطعام أثناء النهار.

ولذا فقد جرت فيه المعارك الكبرى الفاصلة في الإسلام، وأولاها المعركة التي كان لها عظيم الصدى في الجزيرة العربية، والتي جعلت للإسلام ومعتنقيه الهيبة في نفوس العرب ألا وهي “معركة بدر” والتي وقعت يوم السابع عشر من رمضان وهي يوم الفرقان حينما فرق الله بين الحق والباطل فنصر أهل الحق وهزم الباطل وأهله.


وهي معركة كان القائد فيها سيدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- في قلة عدد، فقد كان المسلمون الذين حضروا المعركة ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا، وفي قلة سلاح فقد كان مع المقاتلين فرسان وسبعون جملا.

أما جيش المشركين فقد كان ثلاثة أضعاف جيشهم فقد كانت قريش في ألف رجل، ومعهم مائتا فرس، غير الجمال والتي كانوا ينحرون منها كل يوم تسعا من النوق أو عشرا، ولهم من لأمة الحرب وسلاحه ما لم يقدر للمسلمين الحصول عليه، وأقبلوا في جيش عظيم في البدء أخذ يتناقص في الطريق حتى وصل إلى ما ذكرنا.

ولم تكن معركة بدر مخططا لها، قد استعد لها المسلمون، وإنما كانت حربا طارئة أراد العدو فيها غزو المدينة انتقاما لما تعرضت له قافلة لقريش، حينما أراد المسلمون اعتراضها ليحظوا بها وليستردوا بعض أموالهم التي استولى عليها المشركون وتملكوها في مكة، ولما علم النبي بخروج قريش من مكة شاور أصحابه أن يخرج للقائهم خارج المدينة، ورغم اعتراض بعض الصحابة رضوان الله عليهم إلا أن الأكثر من صحبة ما كان لهم إلا أن يتبعوه وقالوا له “امض ونحن معك، لا نقول كما قال بنو إسرائيل “إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون”|.

وصدق موقف الأنصار في حرب أراد الله أن تكون فاصلة بين الحق والباطل حينما عناهم سيدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بقوله: أشيروا عليّ أيها الناس، فأدرك مقصده سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال “لقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر عند الحرب، صدق عند اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك”.

فاتفقت رؤى المهاجرة والأنصار فقادهم خيرقائد نبي أرسله الله بالهدى وسماه ربه بالرؤوف الرحيم، نبي الرحمة والسلام، لكنه القائد المحنك في الحرب إذا احتاج الأمر إليه.
فكانت بدر جوهرة الحروب، الانتصار فيها يقين لأن الله وعد به، ورغم هذا ظل سيدي رسول الله- صلى الله عليه وسلم – يدعو ربه ويستعجل نصره، وسارت المعركة من بدايتها من نصر إلى نصر شد الله فيها أزر عباده، وتساقط مقاتلو العدو على أرض المعركة، حتى بلغ قتلاهم سبعين رجلاً، وكذا من أسر منهم، ولم يقتل من المسلمين إلا أربعة عشر رجلا.

وتمخضت المعركة على نصر لنبيه وصحبه وطارت أخبار النصر في أرجاء الجزيرة حتى هابهم الناس، وكثر عدد من يدخلون في الدين الجديد من العرب، لا يحول بينهم وبين ذلك أحد.
لتأتي بعد ذلك المعركة الأخرى الحدث الأعظم فتح مكة في العشرين من شهر رمضان المبارك، والتي سنتحدث عنها في مقال تالٍ بإذن الله.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: