إدبار عام وإقبال عام.. والعالم ينتظر تغييراً

لاشك أن العالم اليوم قد تعب وأرهق من نظام دولي، إفرازاته كلها لا تهيئ له الانتقال من نظام عالمي، سيطرت عليه دول كبرى، حوّلته إلى أنقاض في غالب أقاليمه، رغم أن هذا العالم يمتلك ثروات كبيرة لو استعملت لصالح إنسانه لكان اليوم في قمة السعادة، ولكنَّ دولاً كبرى رسمت له سياسة تمنح فيه لنفسها التمتع بكل هذه الثروات، ولا يصل منها شيء إلى جمهوره العريض في دوله المختلفة، التي حُرمت عبر زمان طويل من المشاركة في التمتع بثمار هذه الثروات، فالدول الخمس الكبرى التي ترسم السياسات الدولية، وتلتحق بها دول الغرب التي تشاركها -برغبتها- هذه الثروات، بحسب ما تسمح به هذه الدول الكبرى، في تكتلات عسكرية وسياسية، لها الأثر في توجيه سياسة العالم اليوم لتحقيق مصالحها، ودون النظر إلى مصالح بقية دول العالم، خاصة تلك التي يشار إليها بالدول النامية حيناً، أو الساعية للنمو، أو المتخلفة أحياناً، وهي في غالبها دول تابعة، لا تستطيع المشاركة في حركة ثروات هذا العالم، حتى ولو كانت من ناتج بلدانها وأقاليمها، وأكثرها اليوم تعيش فقراً في غالبه مُدقعاً، وحينما تثور بعض هذه الدول على ما حُشرت فيه من أوضاع، ازدادت فقراً، لأنه لا يُسمح لها بالمشاركة إلا بالقدر الذي يفرز لدول ما سُمِّي بالعالم الأول زيادة في الهيمنة على ثروات العالم، وإذا سمح لدول أهلتها مناطقها أن تحوز على قدر من هذه الثروات، فالمهيمنون عليها مما سُمِّيت دول العالم الأول يُوجهونها لمصالح دولهم، ويعطي هذه الدول ما قد يجعلها ترضى بوضع اقتصادي يجعلها في ذيل دول العالم الأول، كما يُسمّونه، وهذا الوضع كان نتيجة عمل خُطط له في الماضي من قبل دول استعمارية كبرى، وهي اليوم في الغالب تحوَّلت إلى دول مهيمنة على العالم اقتصادياً، والغريب أنها تتفاوت في الاستفادة من ثروات العالم، ولكنها حتماً قد يعطي بعضها بعضاً من الاستمتاع ببعض هذه الثروات، ولكن عبر مساحات من الاستمتاع ببعضها، لا الهيمنة عليها، وبالشكل الذي لا يجعلها تستقل بالاستفادة منها إلا عبر ما خطط له من الدول المهيمنة الكبرى على هذه الثروات، وما لم تسعَ دول العالم الأخرى المُهيمَن عليها إلى مواجهةٍ مُخطَّطٍ لها ومدروسةٍ؛ لاستعادة توزيع ثروات العالم بحسب تواجدها في مناطقه، ودون هيمنة أحد من خارجها عليها، فإن الحال سيبقى ميئوساً منه، بين تابع ومتبوع. تابع يستمتع بكل شيء، ومتبوع لا أمل له أن يستمتع بشيء من هذه الثروات أبداً.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: