إن كنا نتحدث عن الإنسانية فلنتذكر إطلالتها على هذا العالم عبر ظهور ديانة كبرى أراد الله لها أن تنتشر في بقاع الأرض جميعاً فيما لا يزيد عن عشرين سنة، فتظهر آثارها على البشر كلهم، في مدة لا تزيد عن قرنين. نتحدث عن دين هو الإسلام وشريعة هي أكمل الشرائع وخاتمتها، فلم يبقَ للعالم خير منها خلال هذه المدة واستطاع البشر كل البشر أن يتعاشروا في ظلها متحابين، يحمل كل منهم للآخر من المحبة ما يجعله أشد الناس وأحرصهم على أن يحقق لأخيه من الإنسانية مثل ما له.
فلنبحث عن هذا الدين العظيم، الذي نشر بين الناس من المحبة، ما لم يعرف قدره من المحبة والإنسانية التي تجمع بين الناس ولا تفرقهم، وقد كان للبشر في عهد الإسلام الأول ما يحتاجه إخوانهم من المودة، مما يجعلهم ينظرون إلى بعضهم بعين المحبة والمساواة، ومما يجعلهم في الحياة يسعون جاهدين لجمع الناس على كلمة سواء يجمعهم دين واحد هو الأول في نشر المودة بينهم، فيشعرون بأنهم الإخوة الذين لا يُفرَّق فيما بينهم أبداً، فكانت البشرية كلها تنظر إليهم بعهد وميثاق ارتضوه لحياتهم جميعهم جمعهم الله عليه فمنع الفرقة بينهم، فكانوا المثال للبشر في المودة والمحبة التي تجمعهم ولا تفرقهم، والأسس التي بنوا عليها هذا كله هي الإسلام، الذي بُعث به سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبسط للناس شريعة هي من خير الشرائع، التي ارتضاها الله لبني البشر في آخر هذا الزمان لتكون الشريعة الخاتمة للشرائع الإلهية إلى الأرض ولتكون هي خير الشرائع لبني البشر تجمعهم ولا تفرقهم وتدعوهم في آخر الزمان إلى الخير كما دعتهم أوله ليجتمعوا على الخير والهدى حتى يبلغوا آخرتهم، وقد علموا ما يجمعهم وما يفرقهم فيختاروا لأنفسهم.