لابد أن يصدر نظام واضح لحفر هذه الآبار، ومن يعطي التصريح لحفرها، وما شروط ذلك وضوابطه، على ألا تبقى بئر مكشوفة ليس عليها سياج..
كلما وقعت بعض المشكلات بفعل السيول التي جرفت في طريقها في جدة منازل واستخرجت أثاث منازل أخرى، ورأينا السيارات تتقلب في مياهها وكأنها لعب الأطفال بدأنا نتحدث عن الدور المناط ببعض الأجهزة الحكومية المتعددة في خدمة المدينة وأهلها كأمانة جدة (البلدية)، والدفاع المدني، ووزارة النقل وإدارة الطرق فيها على الخصوص، والأنظمة الحاكمة لكل هذا، فقد استيقظنا على أن هذه الأجهزة وكأنها لا تعلم الدور المناط بها، ولا ماهي الخطط الحقيقية التي تعدها من أجل خدمة الناس في هذه المدينة، وكل مدينة أخرى هي مهيأة إلى أن يحدث فيها ما حدث في جدة، واليوم يمر بنا حادث مفزع اشتغلت عليه صحفنا الموقرة كثيرًا، حتى أصبح مادة أخبارها وموضوع كتابها الذي نال الحظوة عندهم فتتابعوا في الكتابة عنه، وكأنه الحدث الأوحد في البلاد، وهو أمر غريب يمثل ظاهرة عند بعض كتابنا، فإذا كتب أحدهم موضوعًا نقديًا تتابعوا يكتبون عنه حتى يمل الناس ما يكتبون، هذا الحديث أعني وقوع الطفلة «لمى» في بئر ارتوازية لا ماء فيها ومهملة، والذي الآن بعد كل هذا الصراخ الذي صم الآذان عبر الصحف يكتشف أن هذه البئر منها عشرات الآلاف في سائر قرانا وبوادينا بل وبداخل مدننا وأنها تحفر دون نظام يحدد تراخيص لمن يريد حفرها وأن تكون في ملكه، وأن يكون لها سور يحمي الناس من الوقوع فيها أو وقوع حيواناتهم داخلها، وننظر في الأمر بعين ثاقبة فنكتشف خطورة استنزاف المياه الجوفية دون خطة واضحة المعالم لاستخراجها من باطن الأرض واستعمالاتها التي يجب أن تكون محددة بدقة في وطن يعاني ندرة المياه، ومع هذا نكتشف النقص في الأنظمة المتاحة التي تضبط هذه الأمور كلها وأنظمة الأجهزة الخدمية المناط بها كل هذا، ولدينا هيئة خبراء من مختلف التخصصات، القانونية منها بالذات، تعد الأنظمة، ولكنها لن تعد نظامًا حتى يرفع إليها ما يقتضي إصداره من مختلف الأجهزة الخدمية هذه، التي اعتقد أنها لا تقوم بواجباتها كما تناط بها، ولدينا بعد مجلس شورى نسمع غرائب ما يقترح من أنظمة أو ما يشبهها، ولم نر قط أنها اكتملت نظامًا، ونحن نعرف أن المجلس استشاري فقط، وليس له الحق في إصدار الأنظمة، وأن غاية ما يقوم به مراجعة الأنظمة الجديدة التي تحال إليه، ولكنا فعلا في مجال المياه نحتاج إلى مراجعة لأنظمتنا، واستصدار منها ما يضبط الانتفاع بها حتى لا يجحف الاستخدام غير المنضبط بمخزونها الجوفي، فنجد أنفسنا في حال سيئة من نقص المياه، كما أننا في أمس الحاجة لخطة وطنية للاستفادة من مخزون المياه الجوفية، ومما نحليه من مياه البحر، وما يكون منه للاحتياجات البشرية، وما نحتاجه للزراعة وتربية المواشي، كما أننا في حاجة أمس لمسح لكل أراضي بلادنا، خاصة منها المأهولة بالسكان لمعرفة ما فيها من آبار قديمة ومستحدثة، خاصة هذه الآبار المسماة ارتوازية المستعمل منها وطريقة استعماله وهل هي صحيحة أم خاطئة؟، والمهمل منها والمكشوف الذي خطره عظيم على السكان وأن يصدر نظام واضح لحفر هذه الآبار ومن يعطي التصريح لحفرها وما شروط ذلك وضوابطه، على ألا تبقى بئر مكشوفة ليس عليها سياج داخل أملاك صاحبها أو خارجه، فالإهمال في هذا خسائره الأرواح البشرية، ويجب أن نغلظ العقوبات على المهملين، والذين لايتحملون مسؤولية أفعالهم، وعلينا في كل باب ألا نواجه الأخطار دوما بالتبريرات المعهودة.. هذا لا يمثل ظاهرة وهو خطأ فردي.. وما شابه هذا، فإن التبريرات تراكم المشكلات حتى تستعصي على الحل، وأعرف أننا اليوم سنواجه مشكلة ومعضلة ونحن نحاول القضاء على خطر هذه الآبار، التي سيتخلى اليوم من حفروها عن مسؤولياتهم تجاه إخوانهم المواطنين، ولكننا يجب أن نتجاوز ذلك حتى وإن أدى ذلك أن تصرف الدولة مبالغ طائلة للتخلص من هذا الخطر الدائم، لكن بعد إحكام نظام يضع الكل أمام مسؤولياتهم بعد ذلك، بحيث لا يجد أحد أبدًا الطريق لمخالفة النظام والتبرؤ عن مسؤوليات ما فعل، فالإدارات الحكومية المسؤولة عن الخدمات التي تقدم للمواطنين إن لم تراقب أعمالها بدقة، ويحاسب فيها المهمل والمتكاسل قبل المفرط الذي يعاون من لا يهتمون بمسؤولياتهم من المواطنين فستتفاقم مشكلاتنا عبر أراضي الوطن الممتدة عبر صحاري وقرى ومدن شتى، إن روح الحياة ولاشك أنظمة حقيقية صارمة تطبق بدقة ويلتزم بها الجميع دون تمييز، وهي ما تساعدنا على تنمية شاملة ومستدامة في هذا الوطن الذي نرجو له التقدم السريع لا ليصل إلى ما أسماه البعض العالم اليوم، وإنما ليكون منافسًا الدول المتقدمة في ما وصلت إليه من الرقي المادية والمعنوي بهذا نخدم هذا الوطن وخدمته خدمة لأنفسنا لنحيا الحياة الأفضل سالمين من الأذى مستمتعين بكل ما أفاء الله علينا من النعم، فهل نحن واعون لكل هذا، هو ما أرجوه والله ولي التوفيق.