لاشك أن الكذب لم يُحرِّمه الله على عباده؛ إلَّا لِمَا فيهِ من السوء البالغ على علاقاتهم الإنسانية، فالكذب إذا اعتاده الإنسان -فرداً أو جماعة- فإنه يجعل العلاقة بينه وبين الناس في أسوأ الظروف، لذلك فأنت تجد التحذير في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- كثيراً، فالكذب يجعل الناس لا يثقون بما تقول أصلاً، فكلما تحدَّثت إليهم، ثم اكتشفوا أنك إنما تكذب عليهم، لم يأمنوا القول منك، ولا يحملونه محمل الجد أبداً، فمَن كذب مرة عليك، يُمكنه أن يكذب عليكَ مرة أخرى، وإذا نقل إليك خبراً، ثم انكشف لك كذبه، فإن أي خبر يورده بعد ذلك إليك لن تُصدِّقه أبداً، هذا بين الأفراد، فإذا كان مَن يفعل هذا دولة، تدّعي دوماً الصدق، ولكن كل ما يصدر عنها ليس فيه سوى الكذب، كما هو حال إيران في عصرها الحديث، فإن الدول التي لم تعتد الكذب -في كل ما يصدر عنها من أقوالٍ أو أفعال- لن يكون لها -بعد سيل الأكاذيب منها- إلا الابتعاد عنها، ولا تُصدِّق لها قولاً واحداً، وهو ما جرَّبناه على إيران منذ ثورتها التي ما جنت عليها سوى المصائب، وعلى الشعب الإيراني الكثير من المشكلات التي لا حصر لها أبداً، فإنها -وهي الدولة الغنية في الأصل- تدهورت أوضاعها حتى بلغت حدًّا أن تكون من الدول التي تُعاني اقتصادياً وسياسياً، وتتخبط في سياسات اقتصادية تقودها إلى المهالك، وعانت شعوبها «المتنوعة الثقافات» من تصرُّفات قادتها، التي لا تعرف أبداً الصدق في علاقاتها مع جيرانها، بل ومع العالم من حولها أجمع، ورأيناها اليوم تصطدم مع دول العالم أجمع، وكنا نتمنى لو أنها تعقَّلَت في تصرفاتها مع محيطها الإسلامي والخليجي، لرأيناها دولاً تنعم بعلاقات إخاء في منطقتها، وتستطيع أن تكون جاراً لهذه الدول تنعم بالهدوء، وبعلاقات اقتصادية وسياسية راقية، ولكنها استبدلت بكل هذا بصلات عداء مستمر، حتى أن هذه الدول سدّت الباب بينها وبين إيران، ولم تأمنها، وبقيت معزولة في منطقتها، وهي اليوم معزولة عن دول العالم أجمع، يلاحظ ذلك بمجرد النظر إلى علاقاتها مع بقية دول العالم، فهلا تعقَّلت وعادت عن أسلوبها هذا؟!.