كتاب الصحف كلهم الرمز الكبير منهم المبتدئ بشر كباقي البشر, منهم المتقن لحرفته المخلص فيها ومنهم الطارئ عليهم وليس من أهل هذه الحرفة ولا يتقنها ولم يوصله للكتابة في الصحف إلا شلة له تلمعه, ومنهم من احترف العمل في الصحف وهو لا يحسن كتابة سطر واحد, فلما ارتقى السلم عن طريق غير سوي حتى وصل في صحيفته إلى أعلى المراكز فاذا به الكاتب الكبير, رغم أنه عمل في صحيفته عقداً أو أكثر ولم يكتب أبداً ولم يعرف أحد أن لديه موهبة تعينه على الكتابة, ثم نقرأ في الصحف من لم يعرف قط أن له قدرة على الكتابة ويعلم من يقبل من رؤوساء التحرير ذلك بيقين إن لم يكن يعلم أنه يكتب له, ولأن صحفنا حتى اليوم تفتقد الكثير من الإتقان للعمل الصحفي فأنت تقرأ فيها تحليلاً سياسياً واهياً ولا تجد فيها تحقيقاً صحفياً متقناً يلفت نظر القارئ إليها وكل أبوابها تعتريها ضعف ظاهر ورغم تقدم كثير من صحفنا من ناحية الشكل والطباعة إلا أن المحتوى لايزال دون مستوى الصحافة العربية ولا أقول العالمية وصحفنا التي تتابع قلة اليوم, لذلك تعتمد صحفنا مقالات الرأي حتى أنك تجد في كل صحيفة عشرات الكتاب تبلغ أحياناً الستين والسبعين كاتباً ومن يُقرأ لهم منهم عدد قليل وحتى صياغة الأخبار في كثير منها تغيب عنها المهنية وكل هذه العيوب لا تعني أبداً الهجوم على الصحف وكتابها هذا الذي يتردد على ألسنة البعض هجاء لها بغير حق واتهامات لها بما لا يحدث منها في الواقع, وإنما يتوجه إلى بحث في النيات, وإلى تصنيف ما أنزل الله به من سلطان يحدثك أحدهم أن فلاناً علمانياً وأنت تعلم أنه إنما يصنفه بذلك لأنه يرى العلماني كافراً وأنت تعرف من صنفه لمعاشرتك له أنه أشد من المتحدث إليك تمسكاً بدينه وإخلاصاً له, وهؤلاء المصنفون لعباد الله يتطلعون للكتابة في الصحف, وهم لا يقدمون لها من المقالات إلا ما هو محشو بالسباب والشتائم والذم لمن يختلفون معهم مما لا تستطيع أي صحيفة نشره وهم لهذا يلجأون إلى قنوات الإثارة الفضائية التي ترضى أن تطلق البذاءات على شاشاتها بل لعلها تحرص على اجتذاب مثل هؤلاء فهي إنما تعمل وتشتهر بهم, وهؤلاء لن يضروا لا الصحف ولا كتابها, فتركهم في ضلالهم يعمهون أولى فعودتهم الى الحق مستحيلة,