يتكاثر «الممانعون» من الأفراد وشأنهم غريب، كلما جن جنون دولة الصهاينة واعتدت على غزة ظهروا عبر وسائل الإعلام يؤججون خلافات بين العرب هي التي أدت بهم إلى هذا الوضع المزري
في زمن مضى كان من العرب من ادعى مقاومة دولة الصهاينة دون آليات لهذه المقاومة، ولم يظهر لها فعل أبدًا، فأنشأوا ما دعي بجبهة الصمود والتحدي، والتي بالمتابعة لها لم تصمد في وجه عدو، ولم تتحد حتى مع نفسها، ثم تحولت فيما بعد إلى جبهة لما أسموه الممانعة، فامتنعت عن أي فعل يؤذي العدو، ولكنها أطلقت الألسنة بالذم والهجاء لسائر العرب وكأنهم من أمة أخرى غير أمة العرب، وتستمر هذه الممانعة حتى يوم الناس هذا ترفض أي جهد يحاول إيجاد حل لوضع قائم أكثر من ستين عامًا هي عمر القضية الفلسطينية منذ احتلال اليهود الجزء الأعم من أرض فلسطين سواءٌ بالمفاوضات أو عقد معاهدات السلام، وتناهض كل المبادرات لحل هذه القضية.
ولو كان الرفض معه آليات لحل آخر ممكن لكان أمر الممانعة مقبولًا حتى أن أقوى الممانعين والذي له حدود مباشرة مع الكيان الصهيوني قفل حدوده، ولم يرضَ أن تطلق منها رصاصة واحدة تجاه العدو وهو رأس جبهة الممانعة، التي صمدت في وجه أي حل عربي لهذه القضية.
وهذا الأمر طال زمانه، ولم يعد الحديث عنه ذا جدوى، خاصة مع تكرر العدوان على غزة بالذات، التي تثور في وجه المحتل بين الحين والآخر فيدمر أجزاء منها وتعظم أعداد الضحايا بين سكانها وتتكاثر أعداد الجرحى والذين جزء منهم يصاب بإصابات فادحة تستمر معه طوال حياته.
وهذه الثورات أو الانتفاضات عبر العقد الأخير تتكرر وكلنا يعرف نتائجها، فما أن يكف العدو عن إطلاق النيران على غزة، يبدأ الحديث عن إعمارها، حتى يعمر ما انهدم من بيوتها ومؤسساتها فإذا أتم العمران لاحقته حرب جديدة لتعيد الوضع إلى ما كان عليه، وحتما أن هذا ليس حلا لقضية تقادم زمانها ووضع الدول العربية كلها يدرك العقلاء أنهم لا يستطيعون دخول حرب هي في الحقيقة حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الاتحاد الأوروبي وفي مقدمتهم بريطانيا التي زرعت هذا الكيان في الوسط العربي ليخدم مصالح الغرب على مر الزمان.
والعاقل لا يدخل حربا يعلم نتيجتها مسبقا، ولكن الممانعين يبقون دوما لمنع أي جهد للعمل الدبلوماسي الموحد، أو العمل على مبادرة تنهي الوضع القائم بأقل الخسائر الممكنة.
ويتكاثر “الممانعون” من الأفراد وشأنهم غريب، كلما جن جنون دولة الصهاينة واعتدت على غزة ظهروا عبر وسائل الاعلام يؤججون خلافات بين العرب هي التي أدت بهم إلى هذا الوضع المزري، ويؤججون أحقادا عربية لو بحثت عن أسبابها لأصابتك الدهشة.
فمثلا لأن دول الخليج قد ظهرت في أراضيها ثروات علها عوضتها عن حرمان لا أظن أنه امتد فقط لعقود بل لقرون، وقامت هذه الدول بدورها نحو إخوانها العرب بمنح وعطاء مستمر عبر الزمان، ولكن بما يستطاع ولكن البعض يحمل من أجل هذا حقدا لا أظنه ينتهي.
وتنطلق الدعاوى بأن لهذه الدول علاقة بدولة الصهاينة دون أن يكون على ذلك بينة واضحة، إلا ما قد تثيره وسائل علام صهيونية من أجل إذكاء العداوة والبغضاء بين العرب، ولا أقول أن أحدا من العرب يصدق هذا ولكن هؤلاء الناشطين عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على الانترنت يتضامنون على أن تكون حملة حقد بالوكالة، فيوجهون تهما قذرة لجل دول الخليج.
هؤلاء لا ينقلون هذا الحقد عن غيرهم إلا لدول الخليج بأسباب واهية ودعاوى باطلة أنها على علاقة بإسرائيل، ولا يستطيع أحدهم أن يقدم دليلا واحدا على ما يقول.
والشيء الذي يثير الدهشة فعلا أن بين هؤلاء الناشطين من أبناء الخليج عدد يوجهون لدولهم أقذر ألوان السباب والشتائم ترديدا لما يقوله الحاقدون على دولهم دون دليل.
وهم يقدمون لأبناء أوطانهم الدليل على أنهم ينسلخون عنهم وستكون ردة الفعل ضدهم قوية بعد انتهاء الأحداث فهل يعودون عن ذلك هو ما أرجو والله ولي التوفيق.