إذا كانت النساء في بلدان مشرقنا العربي والإسلامي أُهملن فكانت نسبة الأميات منهن ضعف الرجال، فما ذنب النساء في ذلك؟
لعل الكثيرين عندما يتحدثون عن الأنوثة لا تستحضر أذهانهم سوى صورة واحدة لا يرون فيها إلا العلاقة الحميمية بين الرجل والمرأة، ولا ينظرون إلى الأنوثة التي جعلت من الأنثى في جوانب الحياة تفوق الرجل، فالعاطفة التي يظن بعض الرجال أنها تعيب النساء، وهي من الله منحة لهن جعلتهن أكثر احتمالًا في شأن العلاقة مع الآخرين وأكثر صبرًا.
فعاطفة المرأة نحو الرجل إذا أحبت كانت أصبر منه على العلاقة معه ولو نالها منه ظلم، ولعاشت معه حماية لحبها وهو يظلمها، فإذا كان لها منه أولاد زاد صبرها عليه حفظًا للأبناء،
وعاطفتها نحو الأولاد تجعلهم في رعايتهم وعنايتها، تبذل الغالي والنفيس في سبيل حمايتهم، تمضي بها الحياة وهي على ذلك أشد محافظة.
والأنوثة تعني في بيان النبوة أن النساء شقائق الرجال، فالمرأة والرجل كل منهما فيه من هرمونات الآخر بعضها، ليدل على أن أصلهما واحد ولذا فالشريعة جاءت لتخاطبهما معًا، ليقوما بتكاليفها معًا، لكل منهما فيها حقوق وواجبات داخل الأسرة وخارجها.
وكل منهما إنسان مكتمل الإنسانية، كرمه الله في كتابه العزيز حيث يقول: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا)،
والمرأة والرجل كلاهما يملكان من المواهب والمقدرات نفس الشيء، لأن عقليهما لا يختلفان، وهذا الميدان العلمي أمامنا في العالم كله يبدع من خلاله الرجال والنساء معًا، ولن تجد علمًا إلا ونبغ فيه من النساء أعداد متكاثرة.
وإذا كانت النساء في بلدان مشرقنا العربي والاسلامي أهملن فكانت نسبة الأميات منهن ضعف الرجال، فما ذنب النساء، في ذلك؟.
الأنوثة تدفع الأنثى دومًا على أن يكون جسدها نظيفًا ومظهرها جميلًا ولعل الكثيرات منهن نظيفات الصدر لا يحملن حقدًا، واثقات الخطى نحو التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل،
وهن في بلادنا أبنّ عن تفوق في كل المجالات العلمية والأعمال الدنيوية وهن بحمد الله محافظات على شرفهن، وها نحن نراهن في مجالات للعمل متفوقات كما كن في دراستهن متفوقات،
ورغم كل ما تعانيه المرأة من محاولات عزلها عن الحياة إلا حياتها في المنزل إلا أنها ناضلت أن تثبت أنها قادرة على أن تعمل لهذا الوطن كما يعمل الرجل، في المجالات التي تخصصت فيها.
ودعونا هنا نتحدث بشيء من الصراحة، لماذا كل حديث عن حقوق المرأة أو ما تتعرض له من مظالم، يدركها كثير من الناس ولا يتحدث عنها مراعاة للسياق العام.
لأن في بلادنا ثقافة سادت فترة من الزمان ترى في كل حديث عن المرأة السعودية فيه تغريب لها أو هو دعوة للفساد وكان كل من تحدث عن المرأة يحتفظ في ذهنه للمرأة بنفس الصورة التي من خلالها رأوا في كل حق مشروع للمرأة إنما هو بحث عن اللذة.
وحاشا كل كريمة من النساء أن ترسم لها هذه الصورة البالغة السوء، فالمرأة في هذا الدين لها كامل الحقوق لم يطلب منا أن نعزل النساء وألا توجد في أي مكان مع الرجال كما يظن بعض من يدعون العلم فقد كانت خيرة النساء من صاحبيات المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كن معه ومع أصحابه يشاركن حتى الصلاة في مسجده ومنهن اللاتي حملن العلم عنه صلى الله عليه وسلم من أمهات المؤمنين ونحن مدينون لهن بما روين لنا من أحاديث استنبط منها العلماء الكثير من الأحكام، وعرف تاريخنا الإسلامي كثيرًا من العالمات في الشريعة منهن من روت صحيح البخاري للرجال وفي مكة من بيت الطبري عالمات مشهورات تجدهن في سند روايات كتب السنة يقرأها عليهن الرجال.
والنساء هن أمهاتنا وأخواتنا وعماتنا وخالاتنا وبناتنا وعلى كل منا إذا أراد أن يتحدث عن النساء سلبًا أن يستحضر كلهن فان كان يرضى أن يطلق الآخرون عليهن ما يطلقه من ألفاظ متدنية فليفعل وإن كان لا يرضاه لهن فلا يرضاه لسائر النساء ولو حفظ كل منا لسانه إذا تحدث عن النساء فإنا سنراهن بشكل أفضل فهل نحن فاعلون هو ما نرجو والله ولي التوفيق.