الإرهاب الصهيوني وغياب المواجهة

إذا كان الإرهاب الداء القاتل الذي ابتلي به العالم في هذا العصر فأقدمه على الإطلاق في منطقتنا العربية الإرهاب الصهيوني، الذي بدأ مبكرًا خلال القرن الميلادي المنصرم في فلسطين العربية، وهي تحت الانتداب البريطاني، وبعلم منه، بل وسماح سلطة الانتداب به، وهي حينئذ الحاكمة لفلسطين العربية، والتي ستظل عربية مهما طال احتلالها، ولابد أن تعود إلى أهلها وإن ظن المحتلون أن احتلالهم لها أبدي، وهذا الإرهاب البشع الذي اعتمد أشد أساليب الإرهاب عنفًا طمعًا في إخلاء فلسطين من الوجود العربي، عبر التطهير العرقي، وهدم المنازل وسكانها داخلها، والقتل والحرق، والاستمرار في أبشع الجرائم مما لم تعهده البشرية عبر التاريخ، الذي يقتل فيه الشيوخ والأطفال والنساء وتجاوز كل الحدود في الجرائم غير الإنسانية، التي تقع كل يوم في أرض فلسطين والاعتداء المهين على مقدسات العرب مسيحية وإسلامية كل يوم، والمجتمع الدولي المزعوم، والذي لا يعنى به في عصرنا سوى القوى الغربية التي هيمنت على العالم بعد انتهاء الحربين العالميتين، اللتين أشعلتهما هذه القوى الغربية وهدمت فيهما المدن، وشرد خلالهما الملايين من البشر، وقتلاهما عُدّوا بالملايين، وهما صورة للإرهاب بشعة، بل أبشع صورة في هذا العالم له، وسيطرت هذه القوى الغربية على العالم، فاستعمرت من دول الشرق كل دولة ذات ثروات طبيعية يمكن نهبها، وساست العالم عبر منظمات دولية أنشأتها القوى الغربية، وخضعت قراراتها لهذه القوى، وإن لم تخضع لها أحيانًا، فلا تنفذ أبدًا، والذي يعود لاستجلاء قرارات الأمم المتحدة وذراعها القوي مجلس الأمن سيجد مئات القرارات التي لم تنفذ عن فلسطين وحقوق أهلها، وسيجد العديد من القرارات العادلة التي وقف ما يسمى «الفيتو» أن تنفذ، لتصبح حبرًا على ورق لا قيمة له، واليوم وقد اشتدت الأزمة حول ما تحاول دولة الصهاينة فرضه على القدس العربية ومقدسات العرب والمسلمين فيها، وهذه الهجمة الشرسة غير الإنسانية على من يواجهون هذا العدوان القذر بصدروهم العارية تستحكم يومًا بعد يوم، وتتساقط ضحاياها من هؤلاء، بعد أن تهدم منازلهم، والمجتمع الدولي المزعوم لا يهمه سوى إيقاف الانتفاضة الفلسطينية، لرد العدوان، أما الإرهابيون من الصهاينة فلا أحد حتى يوجه إليهم استنكارًا لما يقومون به من جرائم بشعة تتناقلها وسائل الإعلام بالصورة الحية كل يوم، فهذا المجتمع الدولي لم يعرف قط عدلًا، وما عهد عنه منذ أن سمعنا عن وجوده أن واجه هذا الإرهاب أو حتى استنكره، فهو غائب عن هذه الساحة تمامًا، ولكنه حاضر لمواجهة شكلية لإرهاب آخر قذر يجتاح عالمنا العربي وتأمن منه دول غربية، وأخبار المواجهة لا تغيب عن شاشات الإعلام المرئي كل يوم في العراق وسوريا وليبيا، ويشجع على دخول دول أخرى هو موجود فيها بصورة أو أخرى، ولكنه حتى الآن غير مؤثر وتستمر هذه المواجهة الشكلية التي تطيل أمد هذا الإرهاب حتى لا يعود لدول دخلها وجود إلا عبر كينتونات عرقية ودينية يشجع الغرب على وجودها، أما نحن العرب فقد كفت مواجهتنا للصهاينة منذ انتهاء آخر حرب بيننا وبينهم حرب أكتوبر عام 1973م والتي نتغنى بها، ولا نتجاوزها زمنيًا، بل لعلنا كففنا حتى عن الإدانة والاستنكار التي اشتهرنا بها منذ عام 1948م وحتى ما قبل أعوام قليلة، ولم يبق لنا سوى اللجوء إلى الله أن يعيد الحياة لما مات منا، ونسأله أن نعود أحرارًا كما كنا نقاتل عدونا وننتصر عليه بأموالنا وأرواحنا وعمل منا جاد متوالٍ حتى نستعيد حقوقنا فقط، فلا نريد عدوانًا على أحد، بل وليس بمقدورنا ذلك ولعله يرحمنا فيستجيب لدعائنا، وهو ولي ذلك، والقادر عليه.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: