لاشك أن من يخوضون في علم الدين بلا علم، ولا كتاب منير، هُم وللأسف اليوم؛ يرون أنهم الأحق بأن يقولوا في علم الدين ما شاءوا، رغم أنهم لم يتعلَّموه، ولا أخذوه عن أهله من العلماء الأفذاذ، ممَّن ظلّوا العمر كله يسعون إلى تعلّمه وتعليمه، وهُم مخلصون لربهم عز وجل على أن يُؤدوا ما علموا منه إلى الخلق بأمانةٍ وقدرة علمية مضمونة، وهمّهم ألا يقع الناس فيما هو باطل، أو خطأ فادح في دين الله، ولكن الساحة اليوم ازدحمت بالمدعين ممن لا علم لهم أصلاً بعلوم الدين، وأنك لتجالس أحدهم فتسمع منه سيلاً من الجهل، يكتشفه أبناؤنا في المرحلة الابتدائية، وتسمع منه الأعاجيب فيما هو في علم الدين من البديهيات لمن تطاول به العمر وهو يحصل من علوم الشرع ما يستعين به على فهم كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأقوال العلماء الأفذاذ، ولا يزال يرى نفسه لم يصل إلى القدر الذي يجعله يزعم أنه القادر على فهم علم الدين كله بالصورة التي ترضي ربه عنه، وكم أمضى العلماء الأبرار من سني أعمارهم، وهم يطلبون هذا العلم ويؤسسون له في مداركهم، ولا يزالون يظنون أنهم لم يبلغوا الغاية في هذا الباب، ثم يأتي من لا علاقة له أصلاً بهذا العلم، بل أمضى عمره فيما يصرفه عن هذا العلم ويؤسس للجهل به، فهذا مثلاً صحفي قليل العلم بل قليل الاطلاع على أمور الدين يدّعي أنه القادر على فهم أصعب العلوم الشرعية، ويبادر بالهذيان في المجالس أولاً ثم إذا أنس من أهل الجهل موافقة على ما يقول عن الدين، نصّب نفسه عالماً، يدّعي أنه القادر على فهم أصعب العلوم الشرعية، بل يفوق علماء الدين الأجلاء جميعهم، ويبادر بالهذيان في المجالس أولاً ثم يجد ممن يريدون الإساءة إلى الدين، من يخدمه فيلمّعه إعلامياً، ويسعى له لدى القنوات الفضائية، والتي قل أن تجد في برامجها عالماً يصحح لمثل هذا عظيم أخطائه، فإذا هي تنصبه عالماً بالدين، باحثاً فيه، وهو أجهل الناس بعلوم الدين وحقائقه، فيبدأ في نقض عرى الدين عروة عروة، عن طريق ما ينقله من كتب أعداء الإسلام من المستشرقين المتحيزين ضد المسلمين من أهل السنة خاصة، وأولئك الذين طلبوا الشهرة بالتشنيع على علماء المسلمين عامة، ممن أضلهم الله، ووجدوا للأسف في بعض الطوائف من يعينهم على ذلك، وأصبح الخوض في الدين يتجرأ به كل ضال، لا يعرف من علومه شيئاً أبداً، فقد نهانا الله عز وجل أن نسمع لهم أو نصغي إليهم حيث يقول: (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ المَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إنَّا لَقَادِرُونَ* عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ* فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ).
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …