يتكرر مع افتتاح المعرض الدولي للكتاب في العاصمة كل عام، لون غريب من احتساب لا تعترف به هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المنوط بها رسمياً الاحتساب في دولة تحكمها الشريعة، ولها من المؤسسات الدينية الكثير بدءاً بهيئة كبار العلماء وما يتبعها من إدارة للبحوث، ودار إفتاء، ووزارة للشؤون الاسلامية، ويتبعها ارشاد ووعظ، وكل هذه المؤسسات تقوم بهذه المهمة التي هي فرض في الدين، به صلاح دنيا الناس، فلا يحتاج الأمر إلى مزيد، والزمان قد تغير ولو ترك الناس أحراراً فيما يفعلون دون قيد ولا ضابط، لانتشرت الفوضى ووقع بين الناس الاختصام، فالفريضة في درجتها العليا خاصة في شق النهي عن المنكر لا تكون في هذا العصر بالذات إلا من السلطة القائمة أي من جهاز رسمي موكل إليه القيام بهذا، وهو جهاز الهيئة التي يقدم مرتكب المنكر إلى الشرطة التي تحقق معه وتحيله لهيئة التحقيق والادعاء، ليحال إن ثبت عليه المنسوب إليه إلى المحاكم، فالأمور مقيدة بالأنظمة، ولمن يقوم بهذه الوظيفة بالقول والنصيحة فهذا له في الدين صفات هي مؤهلات أهمها علمه بالمعروف وعلمه بالمنكر وأن يأمر برفق وينهي برفق، وأن يتحمل الأذى في سبيل ذلك، لا أن يصدر منه الأذى للناس، وإذا كان هذا نصيحة فيما لا يصل حد الجريمة، فيجب أن يكون بين الناصح والمنصوح لا من باب التشهير أو التغيير، فهذا محرم لا يجب اللجوء إليه ويقوم بهذه الدرجة العلماء والأئمة والوعاظ والمرشدون في مؤسساتهم التي ذكرنا والمنوط بهم هذا الأمر، أما بقية الناس فلينكروا بقلوبهم.. وهو الدرجة الأخيرة، لأن ترك المهمة لأفراد أكثرهم عاطلون عن العمل أو لهم ماضٍ لم ترتح له الدولة ولا يرتاح له الناس يجتمعون ولهم منظر.. يحرضهم على احتساب متطفل على الأنشطة الثقافية خاصة يقتحم المواقع التي تجري فيها تلك الأنشطة مثل الأندية الأدبية أو الكليات أو معرض الكتاب، أو حتى الدخول إلى صالات الفنادق لإسماع المقيمين فيها من المثقفين قارص الكلام واتهامهم بشتى التهم يغلظون لهم القول بسباب وشتائم، ثم لا يتخذ ضدهم أي اجراء رسمي، فإن مثل هذا إذا تواصل تم إضعاف الحركة الثقافية في بلادنا وهي تعاني الضعف أصلاً، ويوقع بين الناس اختصام يمتد إلى مالا تحمد عقباه، فهل ندرك هذا هو ما أرجوه والله ولي التوفيق.
شاهد أيضاً
إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس
الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …