الجيوش الوطنية ضرورة.. لا أعداء

حينما أسست الحكومات الوطنية في عالمنا العربي والإسلامي جيوشها، فإنما أسَّستها لتكون دروعاً تحمي الأوطان من أعداء الخارج، وهي بأفرادها العاملين فيها، أبناء وطن، لا أعداء له، وكل محاولة لتصنيفهم كعدو، وإطلاق لفظ «العسكر» على العاملين فيها، لا على أنهم ينتمون إلى النظام العسكري، وهو الذي تشاركهم فيه الشرطة المدنية أيضاً، وإنما على أنهم أعداء للشعب، ولا يريدون له حكمًا مدنياً، وكأن الحكومات المدنية في الشرق والغرب، قد أسعدت شعوبها بحكم مدني ديمقراطي عادل، حقق لها كل ما تطالب به، وعدلت في أحكامها، ولم تضر قط شعوبها، والتاريخ يحدثنا أن الكثير منها لم يصنع من ذلك شيئاً، وها هي المظاهرات تعم الدول الديمقراطية اسماً في الغرب، وتسقط بعضها بسبب ذلك، ومن لم يسقط منها ها هي تقمع المتظاهرين بأسوأ ما زعموا أن العسكر يفعلون، وأظن من حكم من جنرالات الجيش في الشرق والغرب بينهم ولاشك الفاسدون والذين ينحازون ضد شعوبهم، ومنهم من انحاز إلى شعبه وحماه في أحلك الظروف، فليست الجيوش أعداء لأوطانها، كما يريد البعض أن يقنعنا، وإنما صنعت على أعين الشعوب لتحميها من أعدائها، كما أن رجال الأمن إنما صنعت أجهزتهم لتحميها من أعداء الداخل من المجرمين العابثين بأمنها، فقد أصبحنا اليوم نسمع ضجيجاً أشبه بالنباح ليل نهار يتهم الجيوش العربية بعدائها لشعوبها، وهي إذا حكم واحد منها بانقلاب على حكم عادل فليوجه النقد له لا للجيوش كلها، وإذا حكم فرد منهم وظلم فليحاسب هو وحده، أما إذا حيكت المؤامرة بعداء مستحكم بين الجيش الوطني في أي دولة وبين الشعب، فثقوا أن مثل هذه الدولة لن تستقر أبداً، فمن يُظلم سيظل يحيك في صدره هذا الظلم، حتى ينتصر ممن ظلمه، فإذا كان من ظلمه ليس فرداً، وتصور مع نداءات المظاهرات أن الجميع أعداؤه الذين ظلموه، فإن انتصافه منهم سيكون قوياً، حتى يحقق العدل لنفسه كما يتصور، وهذا ما يريده أعداء الأوطان العربية أن يصنعوا شقاقاً بين الشعوب وجيوشهم، ليسهل لهم بعد ذلك التخريب من داخلها، وهو ما نراه اليوم بعد ظهور فكرة الربيع العربي، وما هو بربيع ولا ثورة، وإنما هو عمل لتفتيت الأوطان وتخريبها، فهل ينتظر العرب حتى يعم الخراب كل أوطانهم، أم أن تكون أيديهم في أيدي بعض عسكريين ومدنيين لتحقيق نهضة شاملة لأوطانهم ينعمون جميعاً بآثارها الطيبة بإذن الله.

عن عبدالله فراج الشريف

تربوي سابق وكاتب متخصص في العلوم الشرعية كلمة الحق غايتي والاصلاح أمنيتي.

شاهد أيضاً

صورة مقالات صحيفة المدينة | موقع الشريف عبدالله فراج

إذا تنكرت الدنيا للإنسان لمرض وانقطاع عن الناس

الإنسان ولا شك كائن اجتماعي لا تلذ له الحياة إلا بالاختلاط بسواه ممن خلق الله، …

اترك رد

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

%d مدونون معجبون بهذه: