نشاهد هذه الأيام على الإنترنت خاصة صفحات اليوتيوب ظهور شخصيات تقول أنها تعمل في غسل الموتى ودفنهم، تدعي أنها رأت ما يوحي أنه عذاب للميت إما حين غسله أو حين دفنه، وتتخذ من ذلك عنوانًا للموعظة بأنه كان على معصية، رغم أنها لا تعرفه حال الحياة، وتدعي أن الله عذبه قبل النزول إلى قبره وتصف ذلك بأوصاف منفرة جدًا، وما علمنا شرعًا لعذاب ميت إلا في قبره (أي عذاب القبر) ثم عذاب في الآخرة، ولا أظنه ورد أن الله يطلع أحدًا على هذا العذاب، ولعله لو أطلع عليه لمات فرقًا من الخوف، وليس للميت عذاب قبل ذلك، لا في المغسل ولا حين الدفن، والله الذي ستر عبده في الدنيا لن يكشفه لأحد من أهلها لا حين الغسل ولا حين يوارى جسده في التراب.
وكل من زعم غير ذلك بأن هناك عذاب الدنيا قبل أن يوارى الميت في قبره إنما كذب صريح لا دليل شرعيا عليه البتة فيما نعلم، وهؤلاء يعتمدون على من يتابع أكاذيبهم فيستمرون في كثير منها، ويعاونهم آخرون فيسجلون أكاذيبهم على أشرطة توضع على الإنترنت ليشتغل بها الناس ويكتسبون بها شهرة، ويظنون أن هذا يردع الناس عن المعاصي، وما جعل الكذب وسيلة للموعظة بل هو وسيلة لعقوبة شرعية منتظرة لصاحبه في الآخرة، وكم كنت أتمنى منع هؤلاء من نشر أكاذيبهم على الإنترنت ومحاسبتهم على ما يفعلون، فهؤلاء إذا لم يجدوا رادعًا لهم فسيزداد أثرهم ضررًا بنشر الأكاذيب في اتهام الموتى فيسيئون لأسرهم، وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات وايذاء الأحياء، ولم يبق إلا أن نكف هذا الشر كله ونمنعه، فلا نسمح لأحد من هؤلاء أن يتحدثوا عن الأموات وما يزعمون أنهم قد رأوا آثر تعذيب لهم ولم يخرجوا بعد من الدنيا سواء عند غسلهم أو عند دفنهم، واتركوا الخلق للخالق وخافوا ربكم فما تفعلونه مخالف للشرع لا شك في ذلك.