لا شك أن الخلافات السياسية في عالمنا المعاصر في الدول التي تكثر خلافاتها وتتعدد، حين تبحث عن سببها فلن تجد سوى أن هناك من يديرها من وراء ستار وهو يختفي عن العيون تماماً، وإن كان يعلن عن نفسه بالانضمام إلى أحد الفريقين، وقد لا يخطر على بال أذكى الكتاب السياسيين، الباحثين في شؤونها والساعين لحل أسرارها. فإيران الدولة المفتقرة إلى المال الذي يمكّنها من دخول حروب متعددة، ويشتري لها الأسلحة كلها، ويعطيها إمكانية تطويرها، فلا يجد الباحث في ذهنه حاضراً سوى الخلاف المشتعل دوماً بين المعسكرين الغربي الرأسمالي والاشتراكي، ولكن كلا المعسكرين يستخدمون دولاً تخفيهما عن الأنظار وتوهم العالم أن هذه الدولة هي التي تقوم بالمهمة بينما هي تقوم بالمهمة بالنيابة عنهما، في خفاء تام، لتظل النار مستعرة في بقية العالم، والكل يشتغل بالصور عن الفاعلين الحقيقيين وتضطرم النار بين دول أصغر نيابة عن الكبار، والعالم لا يعرف من يمدها لتبقى النار مشتعلة مستمرة طول العام بل وعبر السنين.
وكما اهتممنا بإسرائيل ومن يجهزونها للحروب والذين كانوا في البدء مجهولين، حتى انكشفوا لعالمنا، فاليوم سيكتشف الجميع أن هذه الحروب إنما تشعلها دول أخرى بل معسكرات من الدول لتبقى الحروب التي أشعلوها مستمرة دوماً في هذا العالم الحزين الذي يحكمه معسكران أضعف أحدهما الآخر، ومازالوا يوالون اللعبة من وراء ستار.