الوطن أعز ما يملكه البشر؛ إذ يعيشون على أرضه، ويكسبون عليه رزقهم، وفي مدارسه وجامعاته يتلقون العلم، ثم يعملون ليبنون لهم حياة آمنة مستقرة، فإذا كان هذا الوطن يضم في جنباته أقدس مقدسات أهله «بيت الله الحرام، ومسجد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبره»، كان من أوجب واجبات أهله الدفاع عنه، لأنه واجب ديني ولاشك، ومظهر للإيمان به يعرف أهله، دفاعهم عنه تسترخص الأموال والأهلين في سبيله، وقد وعى أبناء هذا الوطن هذه الحقيقة، فكانوا دومًا أشدّاء في الدفاع عنه؛ لأنهم يحسون أن أي عدوان عليه يفرض عليهم صده، ولو كان في ذلك «التضحية بالأرواح والأموال والأهلين»، ومنذ قيادة سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم جيوشه لتوطيد الأمن فيه، ومواطن العز المقدسة فيه، وأهل هذا الوطن يعدون أنفسهم مجاهدين لرد أي عدوان عليه، ويرون أن في رد العدوان عليه ردًّا حاسمًا عن العدوان على هذا الدين الحنيف «الإسلام»، الذي ظهرت دعوته على أرضه، ومنه انتشرت إلى سائر أقطار الأرض، واعتبروا أنفسهم المدافعين عنه على أرضه بالذات، التي انتشرت منها أنوار الحق لتصل إلى سائر العالم، وأهل هذا الوطن استوعبوا حقائق الإسلام فلم يعتدوا على أحد، ولكنهم لا يرضون أن يعتدي عليهم أحد، وردوا كل عدوان على بلادهم عبر التاريخ، وردوا عدوان دول أسست لها امبراطوريات عبر العالم، وحمى الله هذا الوطن من عدوانهم، ونصره بهم وهم قلة في العدد والعدة على من هو أقوى منهم في كل ذلك، منذ أن خرج سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لرد عدوان قريش على المدينة، وهو فيها مع صحبه الأبرار رضي الله عنهم، ولقيهم في بدر مع عدد قليل من أصحابه ليقابل عدوه وهم أضعاف أصحابه، فينتصر عليهم ويردهم على أعقابهم، وأهل هذا الوطن يكررون النصر بعد النصر، حتى يئس الناس مهما كانت قوتهم من الانتصار عليهم بفضل من الله ورحمة، وسيبقى هذا الوطن محفوظًا بهم، لا يعتدى عليه حتى تقوم الساعة بإذن الله.